منتدى ماستر القواعد الفقهية والأصولية بفاس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ماستر القواعد الفقهية والأصولية بفاس

وتطبيقاتها في الأحكام والنوازل
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المنتدى في طور البناء، لا تبخلوا عليه بمشاركاتكم
عما قريب ستزول الاعلانات المزعجة، إذا كان منتدانا نشيطا، فلنساهم في إزالتها بالمشاركة والإفادة والاستفادة

 

 عرض بعنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمدمحمدشيرة

محمدمحمدشيرة


عدد المساهمات : 28
تاريخ التسجيل : 23/01/2010
العمر : 44

عرض بعنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر Empty
مُساهمةموضوع: عرض بعنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر   عرض بعنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر I_icon_minitimeالسبت فبراير 12, 2011 5:00 pm


ماستر القواعد الفقهية والأصولية
وتطبيقاتها في الأحكام والنوازل والوثائق
جامعة سيدي محمد بن عبدالله
كلية الآداب
ظهر المهراز / فاس
وحدة ماستر: القواعد الفقهية والأصولية وتطبيقاتها
في الأحكام والنوازل والوثائق

عرض في مادة: فقه الموازنة
بعنوان

إشرف:
الأستاذ الدكتور:
عمر اجدية

عمل الطلبة:
محمد سمب باه
محمد الصديق
محمد محمد محمد شيرة
العام الجامعي: 2010/ 2011 ف

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى ءاله وأصحابه الغر الميامين، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
لا يفوتنا أن نخص بالذكر والشكر أستاذنا الفاضل: الدكتور عمر جدية، على ما يبذله من مجهودات واضحة سنية، معنا ومع غيرنا من طلبة العلم، ونسأل الله العلي العظيم رب العرش العظيم أن يجعله في ميزان حسناته، وأن يبلغه مقصده ومناه، وأن يجعلنا نعم الأبناء البارين له فهو مثال سام للأب الروحي الذي غدي أرواحنا بالعلم، وأن يسدد خطاه في مسيرته العلمية، وأن يجعل من نسله أهلا لحملة الكتاب العزيز والسنة النبوية، وأن يجعلنا وإياهم ممن يحملون هم الدعوة الإسلامية.
وبعد/
فإن هذا العرض يشتمل على تمهيد، ومطلبين، ونتناول في التمهيد أهمية القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفضائله، وحكمه، وما لا يتم الكلام إلا بذلك، ثم المطلب الأول في تعريف كل من الفقه وفقه الموازنة والتفريق بينهما، وتعريف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمطلب الثاني فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وضوابطهما، مع أمثلة تطبيقية، ثم الخاتمة مع ملحق بها.


الــــــــتمهيد:
إن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر أمر هام لا تستغني الأمة الإسلامية عنه، وهو وظيفة الأنبياء، ومهنة الرسل، قال تعالى: ﴿             ﴾ ، وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ)) .
وعليه، يقول الإمام الغزالي-رحمه الله-:
((فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين ولو طوى بساطه وأهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة وعمت الفترة وفشت الضلالة وشاعت الجهالة واستشرى الفساد واتسع الخرق وخربت البلاد وهلك العباد ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد وقد كان الذي خفنا أن يكون فإنا لله وإنا إليه راجعون)).
وعلى اختلاف الفقهاء في حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن أهميته لا تقل عن أهمية أركان وأسس الإسلام التي تكون الأمة بخير ما داموا متمسكين بها، كما تقدم من كلام الإمام الغزالي، وفهموا أن أمره صلى الله عليه وسلم للإيجاب، مع عدم اختلافهم في أن إنكار المنكر بالقلب واجب على الجميع بلا منازع، ونقل الإجماع على ذلك الجصاص والغزالى وابن حزم والنووى وغيرهم .
ومقصودهم في ذلك الوجوب أن الأمر بالمعروف الواجب واجب وأن النهي عن المنكر المحرم واجب , والأمر بالمعروف المستحب مستحب ، والنهي عن المنكر المكروه مستحب. هل هو فرض عين أم فرض كفاية؟
قالت طائفة قليلة من أهل العلم هو فرض عين على كل مسلم وقال جمهور علماء المسلمين أنه فرض كفاية على الأمة. إذا قام به البعض حتى وجد المعروف الواجب وزال المنكر المحرم سقط عن الباقين وإلا أثم كل قادر بحسب قدرته من القيام به بنفسه أو المعاونة على القيام به أو أمر القادرين بذلك.
حكمه:‏
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات، وأكبر المهمات، وقد دل على وجوبه الكتاب والسنة والإجماع. وقد دلت النصوص على الأمر به، وجعله من الصفات اللازمة للمؤمنين، وسبباً لخيرية الأمة وأن تركه يؤدي لوقوع اللعن والإبعاد ونزول الهلاك وانتفاء الإيمان عمن قعد عنه حتى بالقلب. يقول تعالى: ﴿  • •            ﴾ . ويقول تعالى: ﴿                      ﴾ ويقول عليه الصلاة والسلام (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم. ‏

المطلب الأول: تعريف المصطلحات الواردة في موضوع العرض:
والمصطلحات هي: الفقه، والموازنة، والفقه الموازنة، والمعروف، والمنكر.
تعريف فقه الموازنات:
وهذه جملة تتكون من لفظين، الفقه، والموازنة، وتعريف الفقه:
الفقه في اللغة/ هو الفهم المطلق، وهو من مادتين اثنتين، فقه على وزن فعل بضم العين، وهو الذي أصبح الفقه طبعا وسجية له، أو جاوز القنطرة في الفقه، واسم فاعله على وزن فعيل كالعادة الغالبة في هذه المادة؛ أي فقيه. وفقه على فعل بكسر عينه، واسم فاعله فاعل فاقه، كفاهم وعالم وزنا ومعنى. وعلى هذا جاء قوله تعالى: ﴿    ﴾ وغيرها من الآيات.
وفي الاصطلاح/ تعريفات عديدة، هو معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد، والأحكام الشرعية وهي الواجب والمندوب، والمباح والمحظور، والمكروه، والصحيح والباطل . وهذا هو الشائع في كتب الأصول وبعض كتب الفقه.
ولا مشاحة أن يقرن الفقه بما يدل على مقصود الباحث، فيقال: فقه الفروع، فقه الأصول، فقه الدعوة، فقه المصلحة، فقه الأولويات، فقه الموازنات، فقه النوازل، فقه الأزمة، فقه اللغة، فقه الحديث، فقه السنة، فقه التمكين، فقه الاستضعاف.. إلخ.
وأما الموازنات: جمع موازنة، مأخوذة من الوزن والميزان، وهي مفاعلة بين شيئين فأكثر، وكأن المكلف يكون متردداً بين أمور عدة، فيساعده هذا الفقه على حسن الاختيار، كالكفارات التخييرية، يقول الله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}، ويقول سبحانه: (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ).
وأما تعريف فقه الموازنات: فهو العلم الذي يتمكن به المكلف من اختيار الواجب، أو الأولى.
ونقرأ في هذا التعريف أموراً:
فالإشارة إلى الاختيار، لأنه لا يمكن تصور الموازنة إلا بين أمرين فما زاد، وإلا فالمرء حين يكون أمام طريق واحد لا سبيل له إلى غيره، فإنه لا يحتاج إلى إعمال ذهن وروية، ولا إلى مشورة، ولا يقع له تردد، لكن قد يقع له التردد حينئذٍ بين سلوك هذا الطريق، وبين التوقف عنه؛ لعدم الجزم، وهذان في الحقيقة طريقان:
الأول: العزيمة والمضي فيما خِيْر له فيه.
الثاني: التوقف والتروي.
ومثال هذا أن يتردد الفقيه أو العالم في القول في مسألة ما، هل يفتي فيها، أو يسكت؟ فهذان طريقان يحتاج فيهما إلى الموازنة.
2- والإشارة إلى (اختيار الواجب)، لأن البحث قد ينتهي إلى القول بوجوب سلوك هذا الطريق، ولذا يقول الأصوليون: إنه لا يكاد يوجد في الدنيا خير محض ولا شر محض، ولكن ما غلب خيره فهو مطلوب، وما غلب شره فهو مدفوع.
وعلى هذا فالواجب قد يتضمن مفسدة، ولكنها مغمورة في مصلحة أعظم منها، بمعنى أن اختيار الوجوب هو موازنة بين مصالح ومفاسد تمخضت عن ترجيح جانب على آخر. وهذا قد يتحقق في مسائل شرعية مثل: الجهاد المشروع، ففيه ذهاب للأنفس، ويُتْمٌ للأطفال، وترميل للنساء، ولكن مصلحته أعظم في حماية الأمة، ورد المعتدين.
وقد يتحقق في مسائل مصلحية لا نص فيها، مثل أن يعتقد المكلف أن شيئاً ما هو واجب عيني عليه؛ لأنه لا يقوم به أحد غيره، وهو يقدر منه على شيء لا يقدر عليه سواه، وهذا يكثر في أبواب العلم والدعوة والإصلاح ونحوها.
3- والإشارة إلى اختيار الأولى، حيث لا يكون في المسألة وجوب أو تحريم، لعدم ظهور الحكم، أو للتنازع فيه، فيرجح المرء وجهاً أو سبيلاً على جهة الميل، لا على جهة القطع واليقين، وقد صنّف ابن رجب رسالة سماها: (اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى).
ومن ذلك الاختيار بين ألوان من الخير، كلها مطلوب؛ لكن يقع التردد في أيها أفضل عند الله وأنفع لعباده، كالعلوم النافعة سواءً كانت علوماً دينية، أو علوماً دنيوية، مما يحتاجه الناس في حياتهم وعلاقاتهم وصحتهم وتنقلهم ورفاهيتهم ونحو ذلك.
وهو يتصل بعديد من العلوم والفنون، وقلَّ من ألف فيه تأليفاً مستقلاً، ولكنه يقتبس من أبحاث أصولية مثل:
1- بحث المصالح والمفاسد، كما قرره الشاطبي والغزالي وابن تيمية وابن عبد السلام ومن بعدهم. وهو أهم متعلقات فقه الموازنات.
2- بحث القياس، فإن القياس نوع من الوزن والموازنة كما ذكر الأصوليون في تعريفه أنه إلحاق فرع بأصل في حكم لعلة جامعة بينهما. فالقياس هو أحد أنواع الموازنة، وقد يكون الفرع المنظور إليه متردداً بين المسكوت عنه وبين إلحاقه بأصول منصوص عليها، فهذه موازنة، وصوابها يعتمد على صدق المقايسة واعتدالها.
3- بحث المقاصد الشرعية، من حيث إن فهم المقاصد واستيعابها يعين على اختيار الأسدّ والأنفع في موارد النزاع، ومواضع الإشكال، ومواطن الغموض، والاختلاف بين الناس.
4- ويتطرق إليه أهل العلم في مصنفاتهم التي تحتاج إلى نظر متوازن بين مصالح ومفاسد، مثل أبواب السياسات الشرعية، كما في كتاب الماوردي وأبي يعلى وابن القيم وغيرهم. أو في أبواب خاصة من سياسة الفرد والمجتمع، كما في بحث العزلة والخلطة والذي كتب فيه الخطابي وابن رجب وسواهم .
ونتصدى- أيضا- أن نتناول تعريف المعروف والمنكر، قال صاحب اللسان والعُرْفُ والعارِفة والمَعروفُ واحد ضد النكر وهو كلُّ ما تَعْرِفه النفس من الخيْر وتَبْسَأُ به وتَطمئنّ إليه .
وفي الاصطلاح: قال الجرجاني: كل شيء يحسن في الشرع . والمنكر عكسه.
أولاً: تعريفه وأنواعه:‏
المعروف: يطلق المعروف على كل ما تعرفه النفس من الخير، وتطمئن إليه، فهو معروف بين الناس لا ينكرونه. وقيل: هو ما عرف حسنه شرعاً وعقلاً.‏
المنكر: ضد المعروف، وهو ما عرف قبحه شرعاً وعقلاً وسمّي منكراً، لأن أهل الأيمان ينكرونه ويستعظمون فعله.‏
والمعروف يدخل فيه كل ما أمر الله به ورسوله من الأمور الظاهرة والباطنة، مثل: شرائع الإسلام والإيمان بالله والصلوات الخمس والزكاة والحج، والإحسان في عبادة الله وإخلاص الدين لله، والتوكل عليه ومحبته ورجائه، وغيرها من أعمال القلوب، وصدق الحديث والوفاء بالعهود وأداء الأمانات وبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجار واليتيم، ومكارم الأخلاق.‏
والمنكر يدخل فيه كل ما نهى الله عنه ورسوله مثل: الشرك بالله صغيره وكبيره، وكبائر الذنوب: كالزنا والقتل والسحر وأكل أموال الناس بالباطل، والمعاملات المحرمة: كالربا والميسر والقمار، وقطيعة الرحم وعقوق الوالدين، وسائر البدع الاعتقادية والعملية، وغير ذلك مما نهى الله عنه ورسوله.‏
المطلب الثاني: فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وضوابطهما، مع أمثلة تطبيقية:
- ضوابط الموازنة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
ولا شك أن لكل مصلحة قواعدَ وضوابطَ يعرف بها خير الخيرين، وشر الشرين، نظرا إلى القاعدة الكلية الكبرى في أوامره جل وعلا ونواهيه، أن الله لم يأمرنا بشيء إلا ما كانت مصلحتُه خالصة أو راجحة، ومن هنا ينبغي أن تكون هذه هي المنطلق في الدعوة بخصوص الأمر بالمعروف، النظر إلى المصلحة، وإلى المآل، من حيثيتين للمصلحة الصفاءُ، والرجحانُ، ويقدم عند التزاحم المصلحة الخالصة على الراجحة، حتى لا تتضرر الخالصة بالراجحة، وهكذا تكون الموازنة؛ إذ هو مستغرق لجميع مقاصد شريعتنا الإسلامية، وفيما يلي ذكر بعد الضوابط في الآمر بالمعروف، والأمر به:
ضوابط الآمر: يقول الدكتور عبد الباري الزمزمي ـ عضو لجنة علماء المغرب:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يكون نافعا للناس ومصلحا لما فسد من أحوالهم ومحققا الغاية الْمرجوة منه إلا إذا كان القائم به مستجمعا للخصال الواجب توفرها فيه، وهي ولا يعني ذلك الحصر:
1- العلم بما يأمر به من المعروف، وبما ينهى عنه من المنكر، لقول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}. فجعل سبحانه التفقه في الدين والعلم بأحكامه صفة يجب تحققها فيمن ينذر الناس ويخوفهم عذاب الله وسخطه، إذ أن من يتعاطى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدون علم ولا تفقه في الدين قد يأمر بما ليس بمعروف ولا مشروع أصلا، وقد ينهى عما ليس بمنكر ولا محرم في الدين، فيشدد على الناس وينفرهم من الإسلام ويشرع لهم من الدين ما لم يأذن به الله، فيكون بذلك ضالا ومضلا، وليس مصلحا ولا مرشدا.
2- الاستقامة على طاعة الله والعمل بما يأمر به من المعروف واجتناب ما ينهى عنه من المنكر، فالله عز وجل يقول: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}، فوصف سبحانه من يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتوبة إلى الله والعمل الصالح بمختلف أنواعه وبحفظ حدود الله، وبذلك يكون نصحه مقبولا وزجره محترما.
3- الصدق والإخلاص فيما يأمر به وينهى عنه، فلا يأمر بمعروف ولا يفعله ولا ينهى عن منكر ويقترفه، وفي ذلك يقول عز وجل عن نبيه شعيب إذ قال لقومه، (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت)، ومفهوم قوله هذا أن من ينهى عنِ السوء ويأتيه، فإنه يفسد الناس بصنيعه ويكون داعية بسلوكه إلى الفسق لا إلى الإصلاح، وفي الحديث: (( يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه ـ أي تتدلى أمعاؤه ـ فيدور بها كما يدور الحمار في الرحى، فيجتمع إليه أهل النار فيقول ويحك يا فلان، ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول بلى كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه (رواه البخاري ومسلم). أ.هـ
وهناك بعض الشروط والضوابط التي تعود إلى الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، مع العلم بأنه ليس للأمر بالمعروف شروطًا خاصةً، ولا أوقاتًا خاصةً؛ لأن الأمر بالمعروف نصيحةٌ وهدايةٌ وتعليمٌ، وكل ذلك جائز في كل وقت وفي كل مناسبة، أما النهي عن المنكر وتغييره فله شروط خاصة يجب توفرها لجواز النهي أو التغيير، وهذه الشروط هي:
1- جود منكر.
2- أن يكون موجودًا في الحال.
3- أن يكون ظاهرًا دون تجسس.
4- أن يُدفع المنكر بأيسر ما يندفع به.
هذا على الرغم مما يانضاف على هذا من شروط أخر وإضافات لائقة بالموضوع كقولهم من شروط الأمر بالمعروف أيكون المعروف قد ترك، ولا يتأتى معرفة هذا الشيء إلا بالنظر إلى المآل، أو السوابق واللوائق.
وقد جعل بعض العلماء لإنكار المنكر مراتبا، وهي في الأهمية بمكان، ذكرها ابن القيم، وذكرها غيره من العلماء الأفذاذ الذين استقرؤوا نصوص الشريعة من الكتاب والسنة وأحوال الناس، مما يدخل في صميم فقه الموازنة ونصطلح عليها بفقه الموازنة لإنكار المنكر. قال ابن القيم:
(( فإنكار المنكر أربع درجات الأولى أن يزول ويخلفه ضده الثانية أن يقل وإن لم يزل بجملته الثالثة أن يخلفه ما هو مثله الرابعة أن يخلفه ما هو شر منه فالدرجتان الأوليان مشروعتان والثالثة موضع اجتهاد والرابعة محرمة)).
ثم جاء بعده بتوجيهات نموذجية قيمة وجيه مفادها، قوله:
(( فإذا رأيت أهل الفجور والفسوق يلعبون بالشطرنج كان إنكارك عليهم من عدم الفقه والبصيرة إلا إذا نقلتهم منه إلى ما هو أحب إلى الله ورسوله كرمي النشاب وسباق الخيل ونحو ذلك وإذا رأيت الفساق قد اجتمعوا على لهو ولعب أو سماع مكاء وتصدية فإن نقلتهم عنه إلى طاعة الله فهو المراد وإلا كان تركهم على ذلك خيرا من أن تفرغهم لما هو أعظم من ذلك فكان ما هم فيه شاغلا لهم عن ذلك وكما إذا كان الرجل مشتغلا بكتب المجون ونحوها وخفت من نقله عنها انتقاله إلى كتب البدع والضلال والسحر فدعه وكتبه الأولى وهذا باب واسع
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه ونور ضريحه يقول مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر فأنكر عليهم من كان معي فأنكرت عليه وقلت له إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبئ الذرية وأخذ الأموال فدعهم)) .
وهذا من حيث المنكرُ، أما الكيفية والأسلوب والآلة، فقد بين صلى الله عليه وسلم مراتبه؛ وهي ثلاث:‏
المرتبة الأولى: الإنكار باليد مع القدرة، وذلك خاص بمن له ولاية من مسؤول أو محتسب ممن يقدر على ذلك. وهكذا المرء مع أهله وأولاده، يأمرهم بالصلاة وسائر الواجبات، وينهاهم عما حرم الله.
المرتبة الثانية: إن عجز المحتسب عن الإنكار باليد انتقل إلى الإنكار باللسان، فيعظهم ويذكرهم ويعاملهم بالأسلوب الحسن مع الرفق، ويستعمل الألفاظ الطيبة والكلمات المناسبة، حتى لو قوبل بالسوء فهو لا يقابل إلا بالتي هي أحسن.‏
المرتبة الثالثة: الإنكار بالقلب وهي آخر المرتب، ولا رخصة لأحد في تركها ألبته، بل يجب ترك المنكر وبغضه بغضاً تاماً مستمراً. وهذا يقتضي مفارقة أهل المعصية ومجانبتهم حال معصيتهم، يقول تعالى: ﴿       •               •  •         ﴾ ففي الآية نهي صريح عن مجالسة أصحاب المنكر حال مواقعته، حتى يتحولوا عنه، وإلا كانوا مثلهم في الإثم، لرضاهم بذلك.‏
وأسلوبه قال تعالى: ﴿                      ﴾ . فالدعوة بالحكمة تكون بحسب حال المدعو وفهمه، وقبوله، ومن الحكمة: العلم والحلم والرفق واللين والصبر على ذلك. والموعظة الحسنة: تكون مقرونة بالترغيب والترهيب والوعد والوعيد والمجادلة بالتي هي أحسن. وهي الطرق التي تكون أدعى للاستجابة عقلاً ونقلاً، لغة وعرفاً .‏
قال سفيان الثوري –رحمه الله-: ينبغي للآمر الناهي أن يكون رفيقاً فيما يأمربه رفيقاً فيما ينهى عنه، عدلاً فيما يأمر به، عدلاً فيما ينهى عنه، عالماً بما يأمر به، عالماً بما ينهى عنه.‏





الخاتمة:
ونَختم الكلمة بشيء ذكره ابن تيمية –رحمه الله- المتوفي 728هـ، من أسباب سقوط العقوبة؛ إذ له علاقة كبيرة جدا بما نحن عليه بفقه الموازنات في الأمر بالْمعروف والنهي عن المنكر؛ إذ لو علمها الداعية لأراح نفسه عن كثير من حماس بعض الدعاة؛ وهي على النحو التالي، كما قال رحمه الله:
وهذه هي اللأسباب العشرة :
السبب الأول التَّوْبَةُ
السَّبَبُ الثَّانِي الِاسْتِغْفَارُ
السَّبَبُ الثَّالِثُ: الْحَسَنَاتُ الْمَاحِيَةُ :
السَّبَبُ الرَّابِعُ الدَّافِعُ لِلْعِقَابِ: دُعَاءُ الْمُؤْمِنِينَ لِلْمُؤْمِنِ.
السَّبَبُ الْخَامِسُ: مَا يُعْمَلُ لِلْمَيِّتِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ.
السَّبَبُ السَّادِسُ: شَفَاعَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرُهُ فِي أَهْلِ الذُّنُوبِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
السَّبَبُ السَّابِعُ الْمَصَائِبُ الَّتِي يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا فِي الدُّنْيَا.
السَّبَبُ الثَّامِنُ مَا يَحْصُلُ فِي الْقَبْرِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالضَّغْطَةِ وَالرَّوْعَةِ.
السَّبَبُ التَّاسِعُ: أَهْوَالُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَكَرْبُهَا وَشَدَائِدُهَا.
السَّبَبُ الْعَاشِرُ: رَحْمَةُ اللَّهِ وَعَفْوُهُ وَمَغْفِرَتُهُ بِلَا سَبَبٍ مِنْ الْعِبَادِ .

فهرس المصادر والمراجع
1- القرآن الكريم.
2- السنة النبوية الكريمة.
3- الإمام الغزالي، إحياء علوم الدين 6مج.د.ط دار الصابوني.
4- تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى : 728هـ)، مجموع الفتاوى. بتحقيق أنور الباز - عامر الجزار دار الوفاء الطبعة : الثالثة ، 1426 هـ / 2005 م.
5- التوضيح شرح التنقيح.
6- د/ ياسر بن حسين برهامي، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. المكتبة الشاملة قسم السياسة والقضاء.
7- صحيحه، دار الجيل بيروت + دار الأفاق الجديدة ـ بيروت. ثمانية أحزاء في أربع مجلدات.
8- علي بن محمد بن علي الجرجاني، التعريفات، تحقيق إبراهيم الأبياري.
9- محاضرة لدكتور سلمان العودة، وهو موجود على الشبكة العنكبوتية. بعنوان فقه الموازنات.
10- محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله ابن القيم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين، دار الجيل - بيروت ، 1973تحقيق : طه عبد الرءوف سعد.
11- محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، لسان العرب.



فهرس الموضوعات
الرقم العنوان الصفحة
1 التمهيد..................................................... 2
2 حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر......................... 3
3 المطلب الأول/ تعريف المصطلحات الواردة في موضوع العرض..... 4
4 تعريف الفقه لغة............................................. 4
5 الفقه اصطلاحا.............................................. 4
6 الموازنات.................................................... 5
7 تعريف فقه الموازنات.......................................... 5
8 تعريف المعروف والمنكر وأنواعه................................ 8
9 التعريف لغة................................................. 8
10 اصطلاحا .................................................. 8
11 المطلب الثاني/ فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر............. 9
12 ضوابط الموازنة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ............. 9
13 ضوابط الآمر................................................ 10
14 شروط الناهي عن المنكر وتغييره ............................... 11
15 كيفية الأسلوب والآلة........................................ 12
16 الخاتمة....................................................... 15
17 فهرس المصادر والمراجع....................................... 16
18 فهرس الموضوعات........................................... 17

المرفقات
عرض بعنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر Attachmentالأمر بالمعروف.docx
لا تتوفر على صلاحيات كافية لتحميل هذه المرفقات.
(134 Ko) عدد مرات التنزيل 0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عرض بعنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القاعة الفقهية : الأمر بالتصرف في ملك الغير باطل
» عرض بعنوان المشقة تجلب التيسير; الطالبين: عبد الرؤوف عبد الجواد محمد المنتصري
» [size=18]قاعدة: هل الأمر يقتضي التكرار أم لا ؟[/size]
» تقرير عن بحثي بعنوان: "النوازل الفقهية في البلاد الغربية، دراسة في ضوء أصول المذهب المالكي"
» عرض بعنوان : ـ قاعدة : الأصل عدم تكرر النزول . ـ وقاعدة : قد يكون سبب النزول واحدا والآيات النازلة متفرقة والعكس .لصاحبه حسن الدنوب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ماستر القواعد الفقهية والأصولية بفاس :: المصادر القواعدية :: دراسات في أحاديث الأحكام – نصوص وقواعد-
انتقل الى: