منتدى ماستر القواعد الفقهية والأصولية بفاس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ماستر القواعد الفقهية والأصولية بفاس

وتطبيقاتها في الأحكام والنوازل
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المنتدى في طور البناء، لا تبخلوا عليه بمشاركاتكم
عما قريب ستزول الاعلانات المزعجة، إذا كان منتدانا نشيطا، فلنساهم في إزالتها بالمشاركة والإفادة والاستفادة

 

 [size=18]قاعدة: هل الأمر يقتضي التكرار أم لا ؟[/size]

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
EL KHAYARI

EL KHAYARI


عدد المساهمات : 7
تاريخ التسجيل : 06/11/2010

[size=18]قاعدة: هل الأمر يقتضي التكرار أم لا ؟[/size] Empty
مُساهمةموضوع: [size=18]قاعدة: هل الأمر يقتضي التكرار أم لا ؟[/size]   [size=18]قاعدة: هل الأمر يقتضي التكرار أم لا ؟[/size] I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 02, 2011 4:43 am

الأمـر هل يقتضي التكرار أم لا ؟
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد:
فلما كانت الشريعة الإسلامية الغراء أفضل ما يؤصل في المؤمن الخير،وأعظم ما يسمو بنفسه وروحه، ويوجهه إلى أعظم منهاج للحياة الكريمة الفاضلة والسعادة الدائمة ، كانت جديرة بالنهل من معينها والانكباب على تعلمها وتطبيقها .
ولما كان الفقه وقواعده من أعظم علومها قدرا، وأرفعها منزلة وشرفا ، إذ عليه يعتمد في ألأمور الاجتهادية ، وإليه يرجع في معرفة الأحكام الشرعية، والقاعدة موضوع بحثي واحدة من القواعد المشتركة بين الفقيه والأصولي، التي تتفرع عنها مجموعة من المسائل الفقهية التي غالبا ما يختلف فيها بين المذاهب ، وحتى بين أئمة المذهب الواحد.بل يذهب الصادق الغرياني إلى حد القول بأنها من القواعد الأصولية لا الفقهية . ( )
ومن هنا تأتي صعوبة دراستها وتناولها من كل جوانبها.
وما يزيد من هذه الصعوبة أن المؤلفات التي عنت بدراسة القواعد الفقهية لم تعط هذه القاعدة حقها، وإنما اكتفت بإشارات خفيفة غالبا ما تختلف في مفهومها ومقصودها ، ولتوضيح الأمر أكثر ، نورد ما قاله كل من الشريف التلمساني والصادق الغرياني في مفهومها:
الشريف التلمساني: أن الشارع إذا أمر بفعل ، فهل يحصل بالمرة الواحدة أو لا يحصل إلا بتكرير الفعل والدوام عليه . ( )
الصادق الغرياني: إذا طلب الشارع من المكلف أمرا عند حصول سببه فهل يتكرر الطلب على المكلف بتكرر السبب في الوقت الواحد ، أو يكتفي بفعل المأمور مرة واحدة للأسباب المتكررة؟( )
وقد سلكت في دراسة هذه القاعدة ، المنهجية التالية:
مقدمة.
تعريف القاعدة.
- المحور الأول: بيان محل النـزاع في المسألة من خلال أقوال العلماء.
- المحور الثاني: تفصيل القول في الأمر المقيد بصفة والأمر المعلق على شرط.
- المحور الثالث: تطبيقات هذه القاعدة في بعض الفروع الفقهية وبعض مستثنياتها.
- خاتمة .
معنى القاعدة :
الأمر لغة يفيد الفعل المخصوص ويفد الحال والشأن ومنه قوله تعالى:" ليس لك من الأمر شيئ"( )، وقوله تعالى: " وما أمر فرعون برشيد"( ) أي حاله، ويقال أمور فلان مستقيمة ، بمعنى أحواله .
والأمر في اصطلاح الأصوليين : هو (القول الدال على طلب الفعل ، على جهة الاستعلاء).( )
التكرار لغة.
قال ابن منظور :
الكَرُّ : الرجوع ، يقال : كَرَّه وكَرَّ بنفسه ، يتعدّى ولا يتعدّى ، والكَرُّ مصدر كَرَّ عليه يَكُرُّ كرًّا ... والكَرُّ : الرجوع على الشيء ، ومنه التَّكْرارُ ... ( قال ) الجوهري : كَرَّرْتُ الشيء تَكْرِيراً وتَكْراراً . ( )" لسان العرب " ( 5 / 135 ) .
ومنه قول الشاعر : مكر مفر مقبل مدبر كجلمود صخر حطه السيل من عل.
وفي الاصطلاح ، لم أجد له تعريفا عند الأصوليين، لكن يقصد به عند علماء القرآن ، تكرار كلمة في القرآن ، أو آية كما في سورة الرحمن ( فبأي آلاء ربكما تكذبان) .
والمقصود بالقاعدة:
إذا طلب الشارع من المكلف أمرا عند حصول سببه فهل يتكرر الطلب على المكلف بتكرر السبب في الوقت الواحد ، أو يكتفي بفعل المأمور مرة واحدة للأسباب المتكررة ، كمن سمع أكثر من مؤذن في آن واحد، هل يطالب بحكاية الجميع أو يكتفي بحكاية واحد ؟( )
أما الشريف التلمساني فقد قال في معنى هذه القاعدة : أن الشارع إذا أمر بفعل ، فهل يحصل بالمرة الواحدة أو لا يحصل إلا بتكرير الفعل والدوام عليه . ( )
والأمر إما أن يرد مطلقا عاريا من القيود وإما أن يرد مقيدا وهو نوعان :
أحدهما أن يرد مقيدا بالمرة أو بالتكرار فيحمل عليه قطعا .
والثاني ان يرد مقيدا بصفة أو شرط .
وفي الشرع ورد الأمر مفيدا للتكرار كما في قوله تعالى :" وأن أقيموا الصلاة " ، كما ورد غير دال عليه كما في حديث الأقرع بن حابس عن النبي صلى الله عليه وسلم : " ... فقال أيها الناس إن الله عز وجل قد فرض عليكم الحج فحجوا ".
والمختار عند الأصوليين أن الأمر يقتضي طلب الماهية المطلقة ولا يقتضي التكرار ولا عدمه إلا بقرينة، كما في الحج في دلالته على المرة بقرينة ، وفي جمع صلوات متعددة بوضوء واحد لفعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، حيث صلى الصلوات بوضوء واحد
ومن حجج القائلين بالتكرار :
- تمسك أبي بكر رضي الله عنه على تكرار الزكاة ولم ينكر أحد ذلك فكان إجماعا .
- الأمر يفيد التكرار قياسا على النهي بجامع الدلالة على الطلب .
- العمل بالأحوط .
ويرد القائلون بعدم التكرار على ذلك بـ :
- تكرار الزكاة لدليل خاص .
- إن الانتهاء عن الفعل أبدا ممكن ، والنهي نقيض الأمر، ونقيض الكلي الجزئي.
- عدم التكرار أحوط من التكرار .


المحور الأول: تحرير محل الخلاف .
يقول الإمام الغزالي :
وَبِالْإِضَافَةِ إلَى الْمِقْدَارِ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ ، وَاسْتِغْرَاقِ الْعُمُرِ، وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: هُوَ لِلْمَرَّةِ، وَيَحْتَمِلُ التَّكْرَارَ ، وَقَالَ قَوْمٌ : هُوَ لِلتَّكْرَارِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ مَعْلُومَةٌ ، وَحُصُولُ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِمُجَرَّدِهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَاللَّفْظُ بِوَضْعِهِ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ ، وَلَا عَلَى إثْبَاتِهَا...
ويقول أيضا: اخْتَلَفَ الصَّائِرُونَ إلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ لِلتَّكْرَارِ فِي الْأَمْرِ الْمُضَافِ إلَى شَرْطٍ
فَقَالَ قَوْمٌ : لَا أَثَرَ لِلْإِضَافَةِ وَقَالَ قَوْمٌ : يَتَكَرَّرُ بِتَكْرَارِ الشَّرْطِ ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلشَّرْطِ...( )
ويقول صاحبا الإبهاج في شرح المنهاج :
الأمر المطلق لا يفيد التكرار ولا يدفعه وقيل للتكرار وقيل للمرة وقيل بالتوقف للاشتراك أو للجهل بالحقيقة .
الأمر إما أن يرد مقيدا وهو نوعان :
أحدهما ان يرد مقيدا بالمرة أو بالتكرار فيحمل عليه قطعا .
والثاني ان يرد مقيدا بصفة أو شرط
والثالث يرد مطلقا عاريا من القيود وفيه مذاهب .
والقول فيه أنه لا يدل بذاته لا على التكرار ولا على المرة وإنما يفيد طلب الماهية من غير إشعار بالوحدة والكثرة ، نعم لا يمكن إدخال الماهية في الوجود بأقل من مرة فصارت المرة من ضروريات الإتيان بالمأمور به، لا أن الأمر يدل عليها بذاته، واختاره الآمدي وابن الحاجب ونص على اختيار القول به القاضي في التلخيص لإمام الحرمين . ( )

ويقول محمد الأمين الشنقيظي:

إِنَّ الْأَمْرَ إِمَّا مُقَيَّدٌ بِمَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَوْ مُطْلَقٌ عَنْهُ ، ثُمَّ قَالَ : وَالْحَقُّ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ بَلْ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِمَرَّةٍ ، ثُمَّ فَصَّلَ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - الْقَوْلَ فِيمَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ وَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ ، وَمِنْهُ تَعَدُّدُ حِكَايَةِ الْمُؤَذِّنِ وَبَحَثَهَا بِأَوْسَعَ فِي الْأَضْوَاءِ عَنْ تَعَدُّدِ الْفِدْيَةِ فِي الْحَجِّ ، وَالْوَاقِعُ أَنَّ سَبَبَ الْخِلَافِ فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ هَلِ السَّبَبُ الْمَذْكُورُ مِمَّا يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ ، أَمْ لَا ؟
وَالْأَسْبَابُ فِي هَذَا الْبَابِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ قَطْعًا ، وَقِسْمٌ لَا يَقْتَضِيهِ قَطْعًا ، وَقِسْمٌ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ .

فَمِنَ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ التَّكْرَارَ قَطْعًا : مَا لَوْ وُلِدَ لَهُ تَوْأَمَانِ فَإِنَّ عَلَيْهِ عَقِيقَتَيْنِ .
وَمِنْهَا : لَوْ ضَرَبَ حَامِلًا فَأَجْهَضَتْ جَنِينَيْنِ لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ غُرَّتَانِ .
وَمِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ مَا لَوْ أَحْدَثَ عِدَّةَ أَحْدَاثٍ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَإِنَّهُ لَا يُكَرِّرُ الْوُضُوءَ بِعَدَدِ الْأَحْدَاثِ ، وَيَكْفِي وُضُوءٌ وَاحِدٌ ، وَكَذَلِكَ مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ لَوْ تَعَدَّدَتْ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ غُسْلٌ وَاحِدٌ عَنِ الْجَمِيعِ .
وَمِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ مَا كَانَ دَائِرًا بَيْنَ هَذَا وَذَاكَ ، كَمَا لَوْ ظَاهَرَ مِنْ عِدَّةِ زَوْجَاتٍ هَلْ عَلَيْهِ كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ نَظَرًا لِمَا أَوْقَعَ مِنْ ظِهَار عَلَيْهِ أم عِدَّةُ كَفَّارَاتٍ نَظَرًا لِعَدَدٍ ظَاهِرٍ مِنْهُنَّ ؟ وَكَذَلِكَ إِذَا وَلَغَ عِدَّةُ كِلَابٍ فِي إِنَاءٍ هَلْ يُعَفِّرُ الْإِنَاءَ مَرَّةً وَاحِدَةً ، أَمْ يَتَعَدَّدُ التَّعْفِيرُ لِتَعَدُّدِ الْوُلُوغِ مِنْ عِدَّةِ كِلَابٍ ؟ ( )

ومما سبق نخلص إلى أن محل الخلاف بين الأصوليين هو الأمر المطلق والأمر المعلق على شرط و المقيد بصفة . أما الأمر المقيد بالمرة أو بالتكرار فيحمل عليه مطلقا، وكذلك الأمر المعلق بعلة أو بسبب فهو يدور حيث دارت العلة أو السبب اتفاقا.

المحور الثاني: الأمر المقيد بشرط أو صفة
إذا ورد أمر معلق على شرط مثل قول الله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (المائدة:6)، أو مقيد بصفة، كما في قول الله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) (المائدة:38).
فهل يتكرر فعل المأمور به كلما تكرر الشرط أو الصفة، أو لا؟
تفصيل القول في المسألة كالتالي:
حرر الآمدي وابن الحاجب ( ) محل النـزاع في هذه المسألة بأن المعلق إما أن يثبت كونه علة لوجوب الفعل مثل قوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) (النور:2)، وقولنا: إن كان هذا المائع خمرا فهو حرام، فإن الحكم يتكرر بتكرره اتفاقا من القائلين بالقياس. وإن لم يثبت كونه علة بل توقف الحكم عليه من غير تأثير له كالإحصان الذي يتوقف عليه الرجم، فهو محل الخلاف.
والحاصل كما قال الزركشي: أن المعلق على سبب كقوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) (الإسراء:87) يتكرر بتكرره اتفاقا.
والمعلق على شرط هو موضع الخلاف.
وأما تكرار الأمر بالتطهير بتكرر الجنابة، وتكرار الأمر بالوضوء بتكرر القيام إلى الصلاة؛ فيرجع إما إلى السببية أو بدليل من خارج، ويعرف السبب بمناسبته أو بعدم دخول أداة الشرط عليه.( )
من خلال ما قاله الآمدي وابن الحاجب والزركشي يتضح أن محل الخلاف بين العلماء هو ما إذا كان الحكم معلقا على شرط، أما إذا كان الحكم معلقا على علة أو سبب فإن الأمر يتكرر بتكررهما اتفاقا.
كما أن القائلين بأن الأمر المطلق يدل على التكرار يقولون هنا أيضا بأن الأمر المقيد بالصفة أو الشرط يدل على التكرار من باب أولى.
أما الذين قالوا بأن الأمر المطلق لا يدل على التكرار فقد اختلفوا فيما بينهم على مذاهب:
المذهب الأول:
أنه لا يدل عليه من جهة اللفظ أي: لم يوضع اللفظ له، ولكن يدل عليه من جهة القياس بناء على أن الصحيح أن ترتيب الحكم على الوصف يشعر بالعلية، وهذا هو الصحيح عند الإمام الرازي والبيضاوي.( )
أما أنه لا يقتضي التكرار لفظا، فلأن الأمر المعلق بشرط أو صفة قد يقتضي التكرار كتكرار الطهارة بتكرار الجنابة وتكرر الحد بتكرر الزنا، وقد لا يقتضيه كما إذا قال: إن مرضت فاعتقوا عبدا، فإنه لا يقتضي تكرار الإعتاق بتكرار المرض وفاقا، وكالاستطاعة في وجوب الحج فإنه لا يتكرر الوجوب بتكرر الاستطاعة بعد الحج وليس أحدهما بأولى من الآخر، وأما أنه يقتضيه قياسا؛ فلأن ترتيب الحكم على الشيء يشعر بأن ذلك الشيء علة لذلك الحكم، فحيث وجدت العلة وجد المعلول فيلزم تكرار الحكم بتكرر علته.
المذهب الثاني:
أن الأمر يتكرر بتكرر الصفة والشرط من جهة اللفظ على معنى أن هذا اللفظ قد وضع للتكرار، وهذا ما ذهب إليه أبو زيد الدبوسي ونسبه البزدوي إلى بعض مشايخ الحنفية، وإليه ذهب بعض أصحاب الشافعي»( ).
واستدل هؤلاء:
بأنه قد وجد في كتاب الله تعالى أوامر متعلقة بشروط وصفات، وهي تتكرر بتكرر هذه الشروط والصفات، مثل قوله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) (المائدة:6).
وقوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) (المائدة:38)
وقوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) (النور:2).
ففي هذه الأمثلة يتكرر الفعل بتكرر الشرط والصفة.
ويجيب المخالف على ذلك بما يأتي:
أولا: لا نسلم أن قوله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) يقتضي التكرار؛ حيث لا يقتضي تكرار الوضوء بتكرار الصلاة، فقد يصلى الإنسان عدة صلوات بوضوء واحد، وقد يتوضأ ولا يصلي، والمثال الثاني والثالث خارج عن محل النـزاع؛ لأن الأمر فيهما معلق على علة فيتكرر الفعل بتكرر علته اتفاقا.
المذهب الثالث:
أنه لا يدل على التكرار لا بلفظه ولا بالقياس، وهذا هو اختيار الآمدي وابن الحاجب والغزالي ( ).
يقول الغزالي :اخْتَلَفَ الصَّائِرُونَ إلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ لِلتَّكْرَارِ فِي الْأَمْرِ الْمُضَافِ إلَى شَرْطٍ
فَقَالَ قَوْمٌ : لَا أَثَرَ لِلْإِضَافَةِ وَقَالَ قَوْمٌ : يَتَكَرَّرُ بِتَكْرَارِ الشَّرْطِ ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلشَّرْطِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ : " اضْرِبْهُ " أَمْرٌ لَيْسَ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ ، فَقَوْلُهُ : " اضْرِبْهُ إنْ كَانَ قَائِمًا " أَوْ " إذَا كَانَ قَائِمًا " لَا يَقْتَضِيهِ أَيْضًا بَلْ لَا يُرِيدُ إلَّا اخْتِصَاصَ الضَّرْبِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ بِحَالَةٍ لِلْقِيَامِ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ : لِوَكِيلِهِ طَلِّقْ زَوْجَتِي إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ " لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ ، بَلْ لَوْ قَالَ : " إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ " لَمْ يَتَكَرَّرْ بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ إلَّا أَنْ يَقُولَ : " كُلَّمَا دَخَلْتِ الدَّارَ " . ( )
واستدل هؤلاء:
بأن الأمر المطلق كما سبق لا يقتضي التكرار، كما أن الأمر المعلق على شرط أو صفة قد لا يقتضي التكرار، كما إذا أمر السيد عبده بقوله: إذ دخلت السوق فاشتر لحما، فإنه لا يتكرر الشراء بتكرر دخول السوق، وكما في قول الشخص لوكيله إن دخلت زوجتي الدار فطلقها؛ فإنه لا يملك إلا أن يطلقها مرة واحدة فلا يتكرر الطلاق بتكرر الدخول، إلا أن يقول: كلما دخلت الدار.
وقد يحتمل الأمر المعلق على شرط أو صفة التكرار كما في قوله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) (المائدة:6)، فكلما تكرر القيام إلى الصلاة تكررت الطهارة.
وإذا احتمل الأمر المعلق على شرط أو صفة التكرار وعدمه حمل على الأصل وهو عدم التكرار، وذلك لأن صيغة الأمر المجردة لا تدل إلا على الماهية من حيث هي، وهذا يتحقق بالمرة الواحدة.


المحور الثالث: تطبيقات هذه القاعدة في الفروع الفقهية:
نتيجة لما وقع بين العلماء من خلاف حول هذه المسألة وقع خلاف بينهم في بعض الفروع الفقهية نورد منها ما يلي:
1- الخلاف في وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: «بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليّ».
قد حكى الزمخشري في هذه المسألة أقوالا، كما قال الإسنوي( ):
أ- أنها تجب في كل وقت ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
ب- أنها لا تجب في كل وقت ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بل تجب في العمر مرة.
ج- تجب في كل مجلس مرة وإن ذكر فيه مرارا.
د- تجب في أول كل دعاء وآخره.
2- لو قال الزوج لوكيله: إن دخلت زوجتي الدار فطلقها، فهل يتكرر الطلاق بتكرار الدخول؟
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
الأول: لا يطلقها إلا طلقة واحدة وإن تكرر الدخول.
الثاني: أن يطلقها كلما تكرر دخولها، فإن دخلت ثلاث مرات طلقها ثلاث مرات.
3 – في إجابة أكثر من مؤذن: وهذه المسألة كثيرا ما ارتبطت بهذه القاعدة.
يقول الإسنوى في التمهيد: «ومنها إذا سمع مؤذنا بعد مؤذن، فهل يستحب إجابة الجميع) ) لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول»( ).
وقد نقل صاحب التمهيد عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام أنه قال: يستحب إجابة الجميع، وهو ما ذهب إليه النووي( ) والجميع متفق على أن الأول آكد إلا في الجمعة فإنهما في الفضيلة سواء، وكذلك في الصبح إذا وقع الأول قبل الوقت. أما الجمعة فلأن آذانها الأول فضل بالتقدم والثاني بكونه المشروع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما الصبح فلأن الأول امتاز بما ذكرناه من التقدم، والثاني بمشروعيته في الوقت.( )
يقول صاحب أضواء البيان:
وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالُوهُ فِي إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ إِذَا تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُونَ تَعَدَّدَتِ الْأَسْبَابُ ، فَهَلْ تَتَعَدَّدُ الْإِجَابَةُ أَمْ يَكْتَفِي بِإِجَابَةٍ وَاحِدَةٍ ؟ تَقَدَّمَ قَوْلُ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا لِأَصْحَابِهِ ، وَكَلَامُ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِتَعَدُّدِ الْإِجَابَةِ وَبِالنَّظَرِ الْأُصُولِيِّ ، نَجِدُ تَعَدُّدَ الْمُؤَذِّنِينَ لَيْسَ كَتَعَدُّدِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ ; لِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إِذَا أَحْدَثَ ارْتَفَعَ وُضُوءُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِهَذَا الْحَدَثِ ، فَإِذَا أَحْدَثَ مَرَّةً أُخْرَى لَمْ يَقَعْ هَذَا الْحَدَثُ الثَّانِي عَلَى طُهْرٍ وَلَمْ يَجِدْ حَدَثًا آخَرَ .
4 – إذا تعدد الولوغ من الكلب هل يتعدد تسبيع غسل الإناء ن أو يكتفي بالتسبيع مرة واحدة.الراجح عدم تعدد التسبيع.
5 - لَوْ ظَاهَرَ مِنْ عِدَّةِ زَوْجَاتٍ هَلْ عَلَيْهِ كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ نَظَرًا لِمَا أَوْقَعَ مِنْ ظِهَار عَلَيْهِ أم عِدَّةُ كَفَّارَاتٍ نَظَرًا لِعَدَدٍ ظَاهِرٍ مِنْهُنَّ ؟
عند المالكية عليه كفارة واحدة عملا بقول الصحابي ابن عمر :" من ظاهر من أربع نسوة فإنما عليه كفارة واحدة" ( ) ،و معلوم أن قول العربي أصل من أصول المالكية
6 – إذا تكرر دخول المسجد في وقت واحد ، فهل تكرر التحية بتكرر الدخول أم لا ؟
المشهور عدم التكرر لمن خرج من المسجد ناويا الرجوع .
7- سجدة التلاوة هل تتكرر بقراءة آية سجدة واحدة عدة مرات أم لا تتكرر.
أصل المذهب تكرارها إلا أن يكون القارئ ممن يتكرر عليه غالبا كالمعلم والمتعلم فإنه يسجد أول مرة ، وقيل : لا سجود عليه.( )
8- ما إذا قال لوكيله: بع هذه البضاعة فباعها، فردت عليه بالعيب، أو قال له: بع بشرط الخيار ففسخ المشترى.( ) فهل له أن يبيعها ثانيا؟
يرى الرافعي أنه ليس له أن يبيعها ثانيا، وهذا بناء على أن الأمر لا يقتضي التكرار، وفيه وجه آخر أنه يجوز. حكاه الرافعي في الباب الثالث من أبواب الرهن.( )
9- إذا قال لوكيله: طلق زوجتي، أو طلق عني فلانة، دون أن يذكر عددا: فإن الأمر هنا لا يتقضي التكرار، وهنا لا يجوز للوكيل إلا أن يطلق امرأة الموكل مرة واحدة، وهذا على رأي من قال: إن الأمر المطلق لا يفيد التكرار. أما من ذهب إلى أن الأمر يفيد التكرار فللوكيل أن يطلق امرأة موكله طلقة أو اثنتين أو ثلاثا.
10- هل الْحَجَّ يَجِبُ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْعُمْرِ أم أكثر وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {
قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ : إنَّهُمْ لَمَّا سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى { : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } ، وَالرَّجُلُ السَّائِلُ هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ كَذَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ طَرِيقِ النَّسَائِيّ ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مَنَاسِكِهِ وَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْعُمْرِ ، وَقَالَ بَعْضُ مَنْ شَذَّ : أَنَّهُ يَجِبُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَجِبُ فِي كُلِّ خَمْسَةِ أَعْوَامٍ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { : عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ خَمْسَةِ أَعْوَامٍ أَنْ يَأْتِيَ بَيْتَ اللَّهِ الْحَرَامَ . } قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَتِهِ رِوَايَةُ هَذَا الْحَدِيثِ حَرَامٌ فَكَيْفَ إثْبَاتُ حُكْمٍ بِهِ ؟ ( )
المستثنيات :
من وُلِدَ لَهُ تَوْأَمَانِ فَإِنَّ عَلَيْهِ عَقِيقَتَيْنِ .
من ضَرَبَ حَامِلًا فَأَجْهَضَتْ جَنِينَيْنِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ غُرَّتَانِ .
من أَحْدَثَ عِدَّةَ أَحْدَاثٍ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ يكفيه وُضُوءٌ وَاحِدٌ ،.
لَوْ تَعَدَّدَتْ مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ غُسْلٌ وَاحِدٌ عَنِ الْجَمِيعِ .

خاتمة :
لقد مكنتني دراسة هذه القاعدة من الخروج بالاستنتاجات التالية:
صعوبة منهجية تتجلى في كون هذه القاعدة من القواعد الأصولية لا الفقهية ، وبالتالي فالتقيد بالمنهجية المعروفة في دراسة القواعد الفقهية غير ممكن، مما اضطرت معه إلى الإخلال بهذه المنهجية في مجموعة من مراحلها .
عدم التمكن من الوقوف على أصل القاعدة.
صياغة القاعدة صياغة استفهامية تزيد من تعقيد دراستها،إذ بهذه الصياغة تنطبق القاعدة في آن واحد على الرأي والرأي المخالف .
جل تطبيقات القاعدة عند القائلين بالتكرار هي نفس استثناءاتها عند القائلين بعدمه، والعكس صحيح.
مستثنيات القاعدة هي ما تم الاتفاق بخصوصه.لكن بالتفكير قليلا في هذه المستثنيات ، نجدها لا تخرج عن تطبيقات أحد القولين ( التكرار أو عدمه)، فمثلا وجوب عقيقتين على من ولد له توأمان، ما هو إلا وجه من وجوه تطبيقات القاعدة عند أصحاب التكرار، وغسل واحد لعدة موجبات ما هو إلا وجه من وجوه تطبيقات القاعدة عند نفاة التكرار.
وفي الختام ، ما كان في هذا العمل المتواضع من توفيق فمن الله ، وما كان فيه من نقص أو إخلال فمن نفسي ومن الشيطان.
والله ولي التوفيق والقادر عليه .

المصادر والمراجع:

- القرآن الكريم ، رواية ورش عن نافع.
- الأحكام ، الأمدي.
- أضواء البيان، محمد الأمين الشنقيطي.
- الإبهاج في شرح المنهاج، علي بن عبد الكافي السبكي وتاج الدين السبكي.
- البحر المحيط، الزركشي.
- التمهيد، الإسنوي.
- تطبيقات قواعد الفقه عند المالكية ، الصادق عبد الرحمن الغرياني.
- مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول، الشريف التلمساني.
- المستصفى في علم الأصول ، أبو حامد الغزالي.
- مواهب الجليل في شرح الشيخ خليل، الحطاب .
- العزيز في شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير، الدردير.
- لسان العرب ، ابن منظور.
[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
[size=18]قاعدة: هل الأمر يقتضي التكرار أم لا ؟[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عرض بعنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
» القاعة الفقهية : الأمر بالتصرف في ملك الغير باطل
» عرض في قاعدة فقهية
» قاعدة نن القواعد الفقهية
» قاعدة هل الغالب كالمحقق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ماستر القواعد الفقهية والأصولية بفاس :: الوحدات الأساسية :: القواعد الفقهية-
انتقل الى: