منتدى ماستر القواعد الفقهية والأصولية بفاس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ماستر القواعد الفقهية والأصولية بفاس

وتطبيقاتها في الأحكام والنوازل
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المنتدى في طور البناء، لا تبخلوا عليه بمشاركاتكم
عما قريب ستزول الاعلانات المزعجة، إذا كان منتدانا نشيطا، فلنساهم في إزالتها بالمشاركة والإفادة والاستفادة

 

 تلخيص لفصول: الاجتهاد والتقليد والاتباع من كتاب منار أصول الفتوى لابراهيم اللقاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مريم بيجو

مريم بيجو


عدد المساهمات : 2
تاريخ التسجيل : 21/02/2011

تلخيص لفصول: الاجتهاد والتقليد والاتباع من كتاب منار أصول الفتوى لابراهيم اللقاني  Empty
مُساهمةموضوع: تلخيص لفصول: الاجتهاد والتقليد والاتباع من كتاب منار أصول الفتوى لابراهيم اللقاني    تلخيص لفصول: الاجتهاد والتقليد والاتباع من كتاب منار أصول الفتوى لابراهيم اللقاني  I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 15, 2011 5:43 pm

بسم الله الرحمان الرحيم
مقدمة:
الحمد لله الذي ارتضى الإسلام لعبادة شريعة ومنهج حياة وأكمل لهم الدين وأتم عليهم النعمة، والصلاة والسلام على من اختتمت برسالته الرسالات، وترك الناس على المحجة البيضاء.
وبعد :
فان من أهم ما يتميز به الوقت الحاضر تصارع الأفكار والآراء، وظهور الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وتشابك القضايا والمسائل، وتزاحم الأهداف والوقائع التي لم تعهدها البشرية من قبل، فتشعبت المشكلات الإنسانية واتسع نطاقها.
ومن هنا كان لزاما على أهل الحل والفقر وعلى المفكرين الإسلامية ودراسي الشريعة الإسلامية الغراء وعلومها القيمة ان يبذلوا قصارى جهدهم وجدهم، ومبلغ علمهم وعملهم حتى يحكموا كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فيها جد ويجد من، أمور ومسائل، ذلك لان الإسلام دين الحياة بأسرها: سياسة واقتصادا واجتماعا وإدارة ودولة...
ومن تم ندرك اهمية الاجتهاد في الاسلام، ذلك الباب المفتوح امام العقل المسلم ليفكر بحرية وبحصانة معززة، بعد ان يتسيج بسياج الإيمان والعلم، فيكيف كل معطيات العصر تكييفا إسلاميا وينظر إليها من زاوية عادلة محورها العقيدة والشريعة.





المبحث الأول: الاجتهاد ، مفهومه، مشروعيته ، حكمه، أركانه، مراتبه، شروطه ، أقسامه،مجالاته، وبعض مسائله.
المطلب الأول: مفهوم الاجتهاد لغة واصطلاحا.
أ‌- لغة: جاء في المفردات للراغب ان الاجتهاد ماخوذ من الجهد والجهد، وهو الطاقة والمشقة، وقيل الجهد بالفتح: المشقة، والجهد بالضم: الوسع . قال تعالى: " واقسموا بالله جهدا أيمانهم ".
وجاء في الكشاف، ان الاجتهاد في اللغة: استفراغ الوسع في تحصيل امر من الامور مستلزم للكلفة والمشقة، ولهذا يقال: اجتهد في حمل الحجر ولا يقال اجتهد في حمل الخرذلة .
والاجتهاد كما يكون في الأمور الحسية كالمشي والعمل، يكون في الأمور المعنوية كاستخراج حكم أو نظرية عقلية أو شرعية أو لغوية.
ب‌- اصطلاحا: عرفه ابن الحاجب: استفراغ الفقيه الوسع في تحصيل ظن بحكم شرعي .
فاستفراغ الوسع معناه، بذل تمام الطاقة في النظر في الأدلة.
الفقيه: احتراز عن استفراغ غير الفقيه وسعه، والفقيه هو العالم بالفقه.
لتحصيل ظن: اذ لا اجتهاد في القطعيات.
بحكم شرعي: ليخرج ما في طلب غيره من الحسيات والعقليات واللغويات.
أما الشوكاني فعرفه ب : بذل الوسع في نيل حكم شرعي عملي بطريق الاستنباط.
وقيل في الاصطلاح: بذل الوسع في نيل حكم شرعي عملي، بطريق الاستنباط .



المطلب الثاني: مشروعية الاجتهاد وأدلته:
أجمعت الأمة على مشروعية الاجتهاد وأنه واقع لا محالة في الزمن والمستقبل. كما أنه قد وقع وعمل به في الماضي، وقد حدث في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم . أما منه أو وقع من اصحابه رضوان الله عليهم، وكذلك علماء الأمة من بعدهم من التابعين .
من الكتاب:
1- قوله تعالى : ( يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تومنون بالله واليوم الاخر ذلك خير وأحسن تأويلا) .
2- قوله تعالى : (واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به. ولو ردوه الى الرسول والى ولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطون منهم) .
3- من السنة:
فقد دلت السنة المطهرة على مشروعية الاجتهاد ومما ورد منها:
1- حديث عمرو بن العاص انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ثم اذا حكم الحاكم فاجتهد ثم اصاب فله اجران واذا حكم فاجتهد ثم اخطا فله اجر."
2- حديث معاذ بن جبل رضي عنه حينما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى اليمن.
المطلب الثالث: حكم الاجتهاد.
إذا توفرت شروط الاجتهاد السابقة عند شخص، وحصلت له ملكة استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، فهل يجب عليه الاجتهاد أولا؟
قال العلماء ، إذا وقعت حادثة لشخص أو سئل عن حادثة، فان حكم الاجتهاد في حقه يكون فرضا عينيا، وقد يكون كفائيا وقد يكون مندوبا، وقد يصير حراما .
1- فهو فرض عين في حق نفسه فيما طرا له من حوادث ـ فإذا أداه اجتهاده إلى حكم لزم العمل به، ولا يجوز له أن يقلد غيره من المجتهدين في حق نفسه وفي حق غيره، لأن حكم المجتهد هو حكم الله في المسالة التي اجتهد فيها بحسب ظنه الغالب والمجتهد ينبغي عليه العمل بما غلب على ظنه أنه حكم الله تعالى.
كذلك يكون الاجتهاد فرض عين عليه، إذا سئل عن حادثة وقعت، وخاف فوتها على غير وجهها الشرعي ولم يوجد غيره، لان عدم الاجتهاد يقضي بتأخير البيان عن وقت الحاجة وهو ممنوع شرعا.
قال القرافي: مذهب مالك وجمهور العلماء، وجوب الاجتهاد وإبطال التقليد" .
2- فان لم يخف فوت الحادثة ووجد غيره من المجتهدين يجب عليه وجوبا كفائيا فإذا اجتهد احد المجتهدين سقط الطلب على الباقين، وان تركه الجميع أثموا جميعا.
3- الندب: وهو الاجتهاد في حكم حادثة لم تحصل ، سواء سئل عنها أو لم يسأل.
4- التحريم: وهو وقع الاجتهاد في مقابلة نص قاطع من كتاب أو سنة أو في مقابلة الإجماع، وفيما عداه يكون جائزا .
المطلب الرابع: أركان الاجتهاد ومراتبه:
الفرع الأول: أركان الاجتهاد
أركان الاجتهاد ثلاثة، نفس الاجتهاد والمجتهد والمجتهد فيه .
الركن الأول: نفس الاجتهاد.
وهو عبارة عن بذل المجهود واستفراغ الوسع في فعل من الأفعال ولا يستعمل إلا فيما فيه كلفة وجهد.

الركن الثاني: المجتهد
وله شرطان أحكامها: أن يكون محيطا بمدارك الشرع متمكنا من استثارة الظن بالنظر فيها وتقديم ما يجب تقديمه وتأخير ما يجب تأخيره.
والشرط الثاني: ألا يكون عدلا مجتنبا للمعاصي القادحة في العدالة.
الركن الثالث: المجتهد فيه.
والمجتهد فيه كل حكم شرعي ليس فيه دليل قطعي، واحترزنا بالشرعي عن العقليات ومسائل الكلام، فان الحق فيها واحد والمصيب واحد والمخطئ إثم، وإنما نعني بالمجتهد فيه ما لا يكون المخطئ فيه آثما، ووجب الصلوات الخمس والزكوات وما اتفقت عليه الأمة من جليات الشرع فيها أدلة قطعية يأثم فيها المخالف، فليس ذلك محل الاجتهاد، فهذه هي الأركان فإذا صدر الاجتهاد التام من أهله وصادف محله كان ما أدى إليه الاجتهاد محقا وصواب .
الفرع الثاني :مراتب الاجتهاد
المجتهد المطلق: وهو الذي يعتمد على مداركه في استخراج أصول الاجتهاد العامة ويسلك سبل الاستدلال ولا يتبع فيها أحدا فهو الذي يرسم المناهج لنفسه ويفرع عليه الفرع .
مجتهد الفتوى: فهو المتمكن من تخريج الوجوه التي يبديها باستنباطه على نصوص إمامه في المسائل . فهو مقلد لإمامه فيما ظهر فيه نصه، ولكنه يعرف قواعد إمامه وما بنى عليه، فإذا وقعت حادثة ليس لإمامه فيها نص اجتهد على مذهبه وخرجها من أقواله على منواله.
مجتهد الفتوى: هو المتبحر في مذهب إمامه الذي قلده فيه و مهمته الترجيح بين الآراء المختلفة والمتباينة والأقوال المتضاربة، قال فيه النووي: " فهذا يعتمد نقله وفتواه به فيما يحكيه في مذهبه في نصوص إمامه وتفريع المجتهدين في مذهبه .
المطلب الخامس: شروط الاجتهاد:
انه لما كانت مرتبة الاجتهاد، واستنباط الأحكام مرتبة خطيرة ، ذلك لان صاحبه يتكلم مبينا حكم الله تعالى، فقد وضع العلماء شروطا لمن يتولى هذا المنصب لأجل تلافي الأخطار الناجمة عن اجتهاد من لا تتوفر فيه تلك الشروط واعتبار اجتهاده غير معترف به.
وقد اختلف العلماء في وضع شروط وضوابط الاجتهاد، ومع ذلك فان جميع ما ذكروه من شروط مرده إجمالا إلى معرفة مصادر الشريعة ومقاصدها، وفهم أساليب اللغة العربية، وأن يكون المجتهد على درجة من الصلاح، تجعله يتحرى في اجتهاده ويحرص على تطبيق شرع الله وتقديمه على هواه. ومن هنا فقد ذكر العلماء شروطا لقبول الاجتهاد وشروطا لصحته ، وانفرد بعضهم بذكر شروط لم يذكرها البعض الآخر.
شروط قبول: وتتمثل في ثلاثة شروط يجب توفرها فيمن يتصدى للاجتهاد وهي:
الإسلام: لان الاجتهاد عبادة، والإسلام شرط لصحة العبادة، وممن لم يؤمن بالوحي كيف يجتهد مستندا إلى أساس وهو غير مسلم به؟
التكليف: يشترط في المجتهد أن يكون بالغا عاقلا حتى يتمكن من فهم النصوص والاستنباط منها، وإدراك مقاصد التشريع على الوجه الصحيح، ولا يتم ذلك لمجنون ولا لمن ليس ببالغ، لعدم اكتمال ملكاته العقلية التي يتم الإدراك والتميز بها.
العدالة: العدالة ملكة في النفس تحمل صاحبها على اجتناب الكبائر وترك الإصرار على الصغائر والبعد عما فيه خوارم المروءة. فمن شروط المجتهد أن يكون عدلا مجتنبا للمعاصي القادحة في العدالة، وهذا شرط لجواز الاعتماد على فتواه، فمن ليس عدلا فلا تقبل فتواه. "


شروط صحة:
تتمثل في توافر المجتهد على ملكة فقهية وفهم سليم بجعله قادرا على استنباط الأحكام بطريقة صحيحة. وإنما يتمكن من ذلك بشروط:
1- " أن يكون عالما بنصوص الكتاب والسنة، فان قصر في احدهما لم يكن مجتهدا ، ولا يجوز له الاجتهاد. ولا يشترط معرفته بجميع الكتاب والسنة، بل بما يتعلق منهما بالأحكام، وهي خمسمائة آية، ولا يشترط الحفظ بل العلم بمواضعها لينظرها عند الحاجة. ومن السنة بمواضع أحاديث الأحكام دون حفظها أيضا.
2- أن يكون عارفا بمواقع الإجماع: حتى لا يفتي بخلاف ما وقع الإجماع عليه.
3- أن يكون عالما بلسان العرب: بحيث يمكنه تفسير ما ورد في الكتاب والسنة من الغريب، ونحوه. ولا يشترط أن يكون حافظا لها عن ظهر قلب، بل يكفيه القدر الذي يفهم به خطاب العرب وعادتهم، وعامة وخاصه ومحكمه ومتشابهه ومطلقه ونصه وفحواه...
4- أن يكون عالما بأصول الفقه: حتى يتمكن من رد الفروع إلى أصولها بأيسر عمل.
5- أن يكون عارفا بالناسخ والمنسوخ، وبحيث لا يخفى عليه شيء من ذلك، مخافة أن يقع في الحكم بالمنسوخ .
6- أن يكون عارفا بالقياس: فلابد من معرفته ومعرفة شرائطه المعتبرة، لأنه قاعدة الاجتهاد، والموصل إلى تفاصيل أحكام الوقائع التي لا حصر لها.
7- أن يكون عالما بحال الرواة في الجرح والتعديل: لمعرفة المنقول الصحيح من الفاسد.
8- أن يكون عالما بأسباب النزول وورود الأحاديث:
9- أن يكون عالما بشروط المتواثر والأحاديث.
10- أن يدرك مقاصد الشريعة العامة في استنباط الأحكام: لان فهم النصوص وتطبيقها على الوقائع متوقف على معرفة هذه المقاصد .
معرفة أحوال عصره وظروف مجتمعه الذي يعيش فيه ليتمكن بذلك من تكييف الوقائع التي يجتهد في استنباط أحكام لها، ويأتي حكمه عليها سليما وفهمه لها صحيحا. هذه هي شروط الاجتهاد التي تقتضيها طبيعة القيام بهذا العبء الجسيم، إلا أنها كما نبه الغزالي تشترط في حق المجتهد المطلق الذي يفتي في جميع الشرع.
المطلب السادس: مجالات الاجتهاد:
أما مجال الاجتهاد- أو المجتهد فيه، كما يعبر الأصوليون- فهو كل حكم شرعي فيه دليل قطعي. وإنما ذكروا " الشرعي" احترازا عن العقليات ومسائل الكلام .
فالأحكام الشرعية بالنسبة للاجتهاد نوعان: ما يجوز الاجتهاد فيه، وما لا يجوز الاجتهاد فيه.
أما ما لا يجوز الاجتهاد فيه: فهو الأحكام المعلومة من الدين بالضرورة والبداهة، أو التي تبتت بدليل قطعي الثبوت، قطعي الدلالة، مثل وجوب الصلوات الخمس، الصيام، والزكاة، والحج والشهادتين وتحريم جرائم السرقة...مما هو معروف بآيات القران الكريم وسنة الرسول عليه الصلاة والإسلام القولية أو العملية ومثلها أيضا كل العقوبات أو الكفارة المقدرة، فانه لا مجال للاجتهاد فيه .
وقال القرضاوي: " والذي يظهر لي- والله اعلم- أم مجال الاجتهاد :" هو كل مسالة شرعية ليس فيها دليل قطعي الثبوت، قطعي الدلالة، سواء كانت من المسائل الأصلية الاعتقادية أم من المسائل الفرعية العملية" .
وأما التي يجوز الاجتهاد فيها: فهي الأحكام التي ورد فيها نص ظني الثبوت والدلالة، أو ظني احدهما، والأحكام التي لم يرد فيها نص ولا اجماع.
فان كان نص ظني الثبوت كان مجال الاجتهاد فيه البحث في سنده وطريق وصوله إلينا، ودرجة رواته من العدالة والضبط.
وان كان النص ظني الدلالة كان الاجتهاد فيه البحث في معرفة المعنى المراد من النص وقوة دلالته على المعنى، فربما يكون النص عاما وقد يكون مطلقا، وربما يرد بصيغة الأمر أو النهي.
وإذا كانت الحادثة لا نص ولا إجماع فيها، فمجال الاجتهاد فيها هو البحث عن حكمها بأدلة عقلية كالقياس أو الاستحسان أو المصالح المرسلة أو العرف أو الاستصحاب ونحوها من الأدلة المختلف فيها، وهذا باب واسع للخلاف بين الفقهاء .
وملخص القول، إن مجال الاجتهاد أمران: ما لا نص فيه أصلا، أو ما فيه نص غير قطعي، ولا يجري الاجتهاد في القطعيات وفيما يجب فيه الاعتقاد الجازم من نصوص الدين إذ لا مساغ للاجتهاد في مورد النص .
المطلب السابع: تجزؤ الاجتهاد:
تجزؤ الاجتهاد معناه: أن يتمكن العالم من استنباط الحكم في مسألة من المسائل دون غيرها أو في باب فقهي دون غيره، فالمجتهد المجزئ هو العارف باستنباط بعض الأحكام.
اختلف العلماء في تجزؤ الاجتهاد في بعض المسائل ، كالاجتهاد في موضوعات الفرائض مثلا.
فقال أكثر العلماء يجوز تجزؤ الاجتهاد بمعرفة ما يتعلق بمسالة وما لابد منه فيها، وان جهل ما لا تعلق له بها من بقية المسائل الفقهية .
فال ابن القيم في أعلامه: " الاجتهاد حالة تقبل التجزؤ والانقسام ، فيكون الرجل مجتهدا في نوع من العلم مقلدا في غيره ، أو في باب من أبوابه ، كمن استفرغ وسعه في علم الفرائض وأدلتها واستنباطها من الكتاب والسنة دون غيره من العلوم فيجوز له أن يفتي في النوع الذي اجتهد فيه لأنه قد عرف الحق بدليله، وقد بذل جهده في معرفة الضوابط .
وقال بعضهم: لا يجوز لان المسالة في نوع من الفقه ربما كان أصلها في نوع آخر منه .
المطلب الثامن: هل يجوز خلو العصر عن المجتهدين أم لا؟
ذهب جمع إلى انه لا يجوز خلو الزمان عن مجتهده، قائم بحجج الله، يبين للناس ما نزل إليهم.
وقال بعضهم ولابد أن يكون في كل قطر من يقوم به الكفاية لان الاجتهاد من فروض الكفايات .
فقال جماعة كالحنابلة والبعض من الشافعية، لا يجوز خلو زمان من مجتهد يبين للناس ما نزل إليهم ويبصرهم في شرع ربهم ويستدلون على رأيهم أولا.
بقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين حتى تقوم الساعة" فلا يتحقق مضمون هذا الخبز إذا خلا الزمان من أناس يعرفون الحق ويبصرون به غيرهم.
وثانيا: بان الاجتهاد فرض كفاية، لان الحوادث غير متناهية، فلو خلا العصر من مجتهد اجتمع العلماء على الباطل والخطأ، مع أن الأمة معصومة عنه.
وقال أكثر العلماء، منهم الرازي والغزالي والقفال وبقية المذاهب: يجوز خلو العصر من المجتهدين، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا، ينتزعه من العباد ،و لكن يقبض العلم يقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا، فأفتوا بغير علم فضلوا فأضلوا " . فالنبي عليه الصلاة والسلام اخبر بمجيء زمان على الناس يكون الكل جهالا، لا مجتهد فيه، فالقول بمنع خلو العصر عن المجتهد فيه تكذيب لهذا الخبر، والكذب في خبر الرسول محال " .


المبحث الثاني:التقليد مفهومه؛ أركانه؛ شروطه وبعض مسائله:
المطلب الأول:التقليد لغة واصطلاحا.
الفرع الأول:تعريف التقليد:
التقليد لغة:قلد الماء في الحوض،واللبن في السقاء يقلده قلدا، جمعه فيه،والقلادة بالكسر:ما جعل في العنق.وقلدتها قلادة بالكسر،وقلادا بحذف الهاء،جعلتها في عنقها،فتقلدت،ومنه تقليد البدنة أن تجعل في عنقها شيئا يعلم به أنه هدي ومنه التقليد في الدين،وتقلد الولاة الأعمال،وهو مجاز .
قال القرافي:التقليد مأخوذ من تقليده بالقلادة،أي جعلها في عنقه،قال غيره:والمعنى جعل الفتوى في عنق السائل .
التقليد اصطلاحا:
غرفه الغزالي:"هو قبول قول بلا حجة" ،تعريف ابن الحاجب:"العمل بقول الغير بلا حجة"،ويسمى في العرف:"أخذ المقلد العامي بقول المفتي تقليدا".
أما تعريف ابن السبكي:"أخذ القول من غير معرفة دليله".
كما جاء في تعريف عبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي:التقليد في عرف أهل الأصول هو:التزام الأخذ بمذهب الغير من غير معرفة دليله الخاص.
هو التزام مذهب الغير بلا علم دليله الذي تأصلا.






المطلب الثاني:أركان التقليد وشروطه:
الفرع الأول:أركان التقليد:
ظهر في حد التقليد أنه لابد من:
1 – مقلد:وهو المستفتي وهو خلاف المجتهد، فإن لم نقل[بتجزيء]الاجتهاد،بأن يكون مجتهدا في بعض المسائل دون بعض،فكل من ليس مجتهدا في الكل فهو مستفت في الكل...
2- مقلد بالفتح:وهو المفتي الذي هو الفقيه، الذي هو المجتهد.
3- ومقلد فيه:وهو المفتى فيه وذلك في جميع المسائل الاجتهادية،رجعت للعبادة أو لغيرها،كالمعاملات والمناكحات والإيصاءات،والموارثات،بخلاف العقليات على أصح الأقوال لوجوب العمل فيها بالنظر والاستدلال
الفرع الثاني:شروط التقليد:
-ألا يؤدي إلى تتبع الرخص؛بأن يكون مما ينقض فيه قضاء القاضي .
-اشترط كون المذهب الذي يقلد فيه من المذاهب الأربعة،أو مما علمت شروطه وسائر معتبراته من تدوينه ونقله.
لكن قيد هذا بعض محققي الشافعية ،يعمل المقلد نفسه بخلاف الإفتاء والقضاء،كذلك ألا يتبع الرخص – بمعنى أن لا بأخذ من كل مذهب بالأسهل منه لأنه يؤدي الانحلال ريقه التكليف من عنقه حينئذ . و من ثم كان الأوجه أن يفسق به .
و زعم أنه ينبغي تخصيصه بمن تتبع -الرخص- بغير تقليد يتعبد به ليس في محله، لان هذا ليس من محل الخلاف، بل يفسق قطعا.
و ليس العمل برخص المذاهب مقتضيا له لصدق الأخذ بها مع الأخذ بالعزائم أيضا، و ليس في الكلام في هذا لأن من عمل بالعزائم و الرخص لا يقال فيه : إنه متتبع للرخص لا سيما مع النظر لضبطهم للتتبع :عامر .
يقال أيضا بجواز التلفيق و هو خلاف الإجماع أيضا، فتفطن له المخالف للإجماع في مسألة ثم بضده في عينها.
أما من إبتلي بالوسواس فعليه الأخذ بالأخف و الرخص،ليلا يزداد فيخرج عن الشرع و لضده الأخذ بالأثقل ليلا يخرج عن الإباحة .




المطلب الثالث : الكلام في إبطال التقليدمن العالم للعالم. .
ومذهب مالك-رحمه الله-إبطال التقليد من العالم للعالم، وهو قول جماعة من الفقهاء، وأجا زه بعضهم.
والدليل على منعه:أنه إذا أثبت النظر،ووجب الرجوع إلى الاستدلالات،ففيه فساد تقليد من لا يعلم حقيقة قوله،ووجب الرجوع إلى الأ صول وما أودع فيها من المعاني التي تدل على الفروع،وهي:الكتاب،والسنة،والإجماع،: قال تعالى((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)) يرد إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى لله عليه وسلم،فلم يردهم عند التنازع إلى غير ذلك.
ويدل على إبطال التقليد من غير حجة ما قال الله حكاية عن قوم على طريق الذم لهم والإنكار عليهم((إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آبائكم)) وقال عز وجل((وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون)) فذم تبارك وتعالى ترك الحجة والتقليد بغير حجة
إضافة:
يقول أبو عبد الله منداد البصري المالكي:"التقليد معناه في الشرع ؛الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه،وذلك ممنوع في الشريعة".ويقول رحمه الله:"كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده،والتقليد في دين الله غير صحيح".
ويقول القاضي عبد الوهاب المالكي في التلقين:"ولا يجوز لمن فيه فضل للنظر والاجتهاد وقوة على الاستدلال والاعتبار تقليد غيره وفرض عليه أن ينظر لنفسه،قال تعالىSad(أفلا يتدبرون القرآن))
المطلب الرابع: القول في تقليد العامي للعالم:
العامي يجب عليه الاستفتاء وإتباع العلماء،لأن الإجماع منعقد على أن العامي مكلف بالأحكام،وتكليفه طلب رتبة الاجتهاد محال لأنه يؤدي إلى أن ينقطع الرث والنسل وتتعطل الحرف والصنائع،ويؤدي إلى خراب الدنيا لو اشتغل الناس بجملتهم بطلب العلم.
و لا يستفتي العامي إلا من عرفه بالعلم و العدالة ،و إذا لم يكن في البلدة إلا مفت واحد ،وجب على العامي مراجعته ،و إن كانوا جماعة فله أن يسأل من شاء ،ولا يلزمه مراجعة الأعلم كما فعل في زمان الصحابة ،إذ سأل العوام الفاضل و المفضول و لم يحجر على الخلق في سؤال غير أبي بكر و عمر وغير الخلفاء .
وقال قوم :تجب مراجعة الأفضل ،فإن استووا تخير بينهم ،وهذا يخالف إجماع الصحابة إذا لم يحجر الفاضل على المفضول الفتوى بل لا تجب إلا مراجعة من عرفه بالعلم و العدالة ، و قد عرف كلهم بذلك.
أما ابن القصار من المالكية و ابن سريج و الغزالي من الشافعية و الإمام أحمد،فصنفوا تقليد المفضول مع وجود الفاضل،لأن أقول المجتهدين في حق المقلد كالأدلة في حق المجتهد،فيجب على العامي البحث عن إمام؛أي مجتهد منتخب بفتح الخاء المعجمة أي راجح في العلم و الدين،فيجب عليه تقليد أروع العالمين وأعلم االورعين،فإن كان أحدهما أعلم و الآخر أورع قدم الأعلم على الأصح.
أما القول المختار عند السبكي فهو جواز تقليد المفضول لمعتقده فاضلا أو مساويا فإن اعتقد فيه أنه مفضول امتنع تقليده و استفتاؤه .
المطلب الخامس: القول فيما يجوز فيه التقليد وما لايجوز:
و لا يجوز عند مالك –رحمه الله- لعالم و لا لعامي أن يقلد في زوال الشمس،لأنه أمر يشاهد،ويصل كل واحد منهم إلى معرفته،بل العامي يقلد العالم في أن وقت الظهر،هو إذا زالت الشمس،ويقلده في أوقات الصلوات أنها هي الأوقات التي وقتها رسول الله صلى عليه أفضل الصلاة و السلام،لأن هذا أمر يعلمه أهل العلم بالتوقيف وليس مما يشاهد،فإن كان في العامة من يخفى عليه علم الزوال،ولا يتكمن من إدراكه مما يشاهد،فإن كان في العامة من يخفى عليه علم الزوال،ولا يتمكن من إدراكه،جاز أن يقلد فيه كما يقلد في سائر مالا معرفة له به .
أما ما يجوزعند مالك –رحمه الله-في مثله التقليد للعامي مما ليس للعالم فيه طريق إلا أن يكون من أهله،مثال: "أن يقلد القائف في إلحاق الولد بمن يلحقه إذا كان القائف عدلا في دينه،بصيرا في القيافة،لأنه علم قد خصهم الله تعالى به" .
المطلب السادس: القول فيمن يسوغ له التقليد ومن لا يسوغ له:
أما من يسوغ له التقليد فهو العامي الذي لا يعرف طرق الأحكام الشرعية فيجوز له أن يقلد عالما ويعمل بقوله إذا تقرر عنده صحة مذهبه قال الله تعالى((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)).
و قال أبوا القاسم عن الأوزاعي عن عطاء ابن عباس أن رجل أصابه جرح في عهد النبي صلى الله عليه و سلم – فاحتلم- فأمر بالاغتسال فاغتسل فمات،فبلغ ذلك الرسول صلى الله عليه و سلم فقال:"قتلوه قتلهم الله إن شفاء العي السؤال."قال عطاء فبلغنا أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل بعد ذلك فقال لو غسل جسده و ترك رأسه حيث أصابه –يعني الجرح- ولأنه ليس من أهل الإجتهاد لكن فرضه التقليد كتقليد الأعمى في القبلة فإنه لم يبق معه آلة الإجتهاد في القبلة كان عليه تقليد البصير فيها.
وأما العالم هل يجوز له أن يقلد غيره،فينظر فيه،فإن كان الوقت واسعا عليه يمكنه فيه الإجتهاد و لم يجز له التقليد و لزمه طلب الحكم بالاجتهاد .
ومن الناس من قال يجوز له تقليد العالم،حكي ذلك عن سفيان الثوري... و الدليل على أنه لا يجوز له التقليد أصلا مع اتساع الوقت،أنه معه آلة يتحول بها إلى الحكم المطلوب فلا يجوز له تقليد غيره،أما إذا كان الأمر قد ضاق و خشي فوات العبادة إن اشتغل بالاجتهاد ففي ذلك وجهان:أحدهما يجوز له أن يقلد.
والوجه الثاني: أنه لا يجوز،لأن معه آلة الاجتهاد فأشبه ما إذا كان الوقت واسعا.
وقيل لا يقلد العالم و إن لم يكن مجتهدا،لأن له صلاحية أخذ الحكم من الدليل،...نحو قول بعض المحققين:المعتمد أنه يجوز له تقليد كل من الأئمة الأربعة،وكذا من عداهم ممن حفظ مذهبه في تلك المسألة ودون حتى عرفت شروطه وسائر معتبراته .
المطلب السابع:القول في جواز تقليد الميت:
اختلف العلماء في جواز تقليد الميت،والعمل برأيه والإفتاء على الأقوال أربعة.
1-جواز تقليد الميت مطلقا لبقاء قوله،قال الإمام الشافعي:المذاهب لا تموت بموت أربابها،أي لأن حياة المذاهب بقيام الدليل الذي دل عليها،وهو قول الأكثرين،ولكن بداهة يشترط صحة النقل عنهم.
2-عدم الجواز مطلقا،وبه قال الرازي و اعتمده الشيعة.
3- جواز تقليد الميت عند فقدان الحي للحاجة،بخلاف ما إذا يفقد وهو قول بعضهم .
4- الجواز فيما نقل عنه،إن نقله عن مجتهد في مذهبه،لأن لمعرفته مدارك تميز بين ما استمر عليه وما لم يستمر عليه،فلا ينقل لمن يقلده إلا ما استمر عليه.
 أدلة المانعين و المجوزين:
استدل المانع أولا-بأن المجتهد يجوز له تغيير اجتهاده لو كان حيا،فإذا جدد النظر فربما يرجع عن قوله الأول.
وثانيا-بأن الميت لا بقاء لقوله،بدليل انعقاد الإجماع بعد موت المخالف فلو كان للميت قول بعد موته،لما انعقد الإجماع،لأن قوله لا يزال باقيا،والمخالفة لا تزال قائمة،وإذا لم يكن للميت قول،فلا يجوز تقليده،و لا الإفتاء بما كان يسند إليه.
قالوا:وما فائدة تصنيف الكتب في المذاهب بعد موت أربابها،فلا استفادة طريق الاجتهاد من تصرفهم في الحوادث،وكيفية بناء بعضها على بعض لمعرفة المتفق عليه من المتخلف فيه .
استدل المجوز بأنه لو لم يجز تقليد الميت،لأدى إلى أحوال الناس و تضررهم في الحرج،إذا لم يوجد مجتهد يفتيهم في أمور دينهم،و لو بطل قول المجتهد بموته لما اعتبر شيء من أقواله،كروايته و شهادته ووصاياه،فإذا كانت الأخبار لا تموت بموت رواتها و ناقليها،فكذلك الأقوال لا تموت بموت قائلها.
هذا و قد لاحظ الأستاذ الحكيم أن في تجويز الرجوع إلى الأموات في التقليد إماتة للحركة الفكرية التشريعية،وتجميد للعقول المبدعة عن الانطلاق في آفاقها الرحبة
وإني لا أرى أن السبب في جمود العلماء هو ذاك،وإنما لتأثرهم بفكرة القائلين بإقفال باب الاجتهاد التي اقتضتها ظروف تاريخية مؤقتة،دون أن يقدروا رأي ما سيؤول إليه أمر التطور في المستقبل،ودليلي هو أن الأقوال التي سردتها في مسألة تقليد الميت على بيانها تناقض قول المتأخرين بإقفال باب الاجتهاد، لأن كل ما في الأمر أنه يجوز تقليد الميت ولا يجب.
وإني أؤيد رأي القائلين بالجواز،ولكن بشرط صحة النقل عنه،ومعرفة دليله الذي اعتمد عليه في بيان الحكم،فإذا لوحظ ما يوجب تغير الحكم لمصلحة أو مراعىات عرف مثلا،كان المجال أمامنا واسعا للتغيير،لوجود دليل المجتهد بين أيدينا
كما جاء في منار أصول الفتوى نقلا عن أدب المفتي والمستفتي،أنه يجوز تقليد الميت على الصحيح،وعليه عمل الناس،ولو وجد مجتهد حي.
ومنع الرازي تقليده،ومنهم من جوزه إذا لم يوجد مجتهد حي .








المبحث الثالث : المذهب والاتباع ، وبعض مسائله

1- معنى المذهب:

لفظ " المذهب " لغةً هو مكان الذهاب، قال المناوي في التوقيف: ثم استعمل فيما يصار إليه من الأحكام. ومنه قولهم: المذهب في المسألة كذا.
قال الحطاب: "المذهب لغة الطريق ومكان الذهاب، ثم صار عند الفقهاء حقيقة عرفية فيما ذهب إليه إمام من الأئمة، من الأحكام الاجتهادية".

ويطلق عند المتأخرين من أئمة المذاهب على ما به الفتوى، من باب إطلاق الشيء على جزئه الأهم، نحو قوله عليه الصلاة والسلام: "الحج عرفة"...

وأما في الاصطلاح فذكر الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير:" أن مذهب مالك عبارة عما ذهب إليه من الأحكام الاجتهادية أي التي بذل وسعه في تحصيلها".

2- ضابط المذاهب التي يقلد فيها
ذكر المحقق أن ضابط المذاهب التي يقلد فيها نقلا عن القرافي خمسة أشياء لا سادس لها عملاً بالاستقراء: الأحكام الشرعية الفروعية الاجتهادية، وأسبابها، وشروطها، وموانعها، والحِجاج المثبتة للأسباب والشروط والموانع.
فاحترز بـ Sadالأحكام) عن الذوات، و(الشرعية) عن العقلية كالحساب والهندسة وعن الحسيات وغيرها. واحترز ب (الفروعية) عن أصول الدين. و (الاجتهادية) عن الأحكام المعلومة من الدين بالضرورة.
و(أسباب الأحكام) سواء المتفق عليها أو المختلف فيها مثل الإتلاف المسبب للضمان، ورؤية الهلال، والرضعة الواحدة المسببة للتحريم. (والشروط) نحو الحول في الزكاة، والطهارة في الصلاة، والولي والشهود في عقد الزواج. و(الموانع) كالجنون والإغماء المانعين من التكليف الشرعي، والدَّين المانع من إيجاب الزكاة.
و(الحجاج المثبتة للأسباب والشروط والموانع) وهي ما يعتمد عليه القضاة من البينات والأقارير ونحو ذلك. وهي نوعان:
1- مجمع عليه كالشاهدين في الأموال والأربعة في الزنى، والإقرار في جميع ذلك بشرط عدم الرجوع عنه.
2- ومختلف فيه: نحو الشاهد واليمين وشهادة الصبيان في القتل والجراح، وشهادة امرأتين على عيوب الفروج والاستهلال، والإقرار إذا أعقبه رجوع.
ونحن كما نقلد العلماء في الأحكام وأسبابها وشروطها وموانعها، فكذلك نقلدهم في الحجاج المثبتة لذلك.
فهذه الخمسة هي التي يقع التقليد فيها من العوام للعلماء.

ونبه المحقق إلى أمرين:
* الأول: لا يقال مذهب مالك أو الشافعي إلا فيما يختص به دون ما اشترك فيه مع غيره، فلا يحصل التعدد إلا بالمختص.ولا ينبغي أن يقال على الأحكام المجمع عليها أنها مذهب فلان، بل هي مذهب إجماع هذه الأمة.وعليه، لابد من إضافة هذا القيد لتعريف مذهب مالك مثلا نقول: "ما اختص به من الأحكام الشرعية الفروعية الاجتهادية، و ما اختص به من أسبابها، وشروطها، وموانعها، والحِجاج المثبتة لها.
* الثاني: أنا إنما نقلد العلماء في الوقائع الجزئية إذا رووها فيما يتعلق بها من غير أحكامها الواقعة فيها. أما في أحكامها المتعلقة بها فلا نقلدهم أصلا، بل راويها شاهد من الشهود. فنقلد مالكا مثلا في أن النباش يقطع، ولا نقلده في أن فلانا نبش لأن الثاني من باب الشهادة.
مسأله من مسائل العلم وهي هل هناك فرق بين التقليد والاتباع أم لا ؟
أكثر الأصوليين على أنه لافرق ورأى آخرون أن هناك ثم فرق
وإليك أقوال العلماء في التعريف الاصطلاحي للتقليد وهى تدور حول ماذكرناه:

*قال الجرجاني : التقليد هو اتباع الانسان غيره فيما يقول أو يفعل معتقدا للحقيقه فيه من غير نظر وتأمل في الدليل).
(1) قال ابن حزم رحمه الله (التقليد: مااعتقده المرء بغير برهان صح عنده، لأن بعض من دون النبي صلى الله عليه وسلم قاله) (الإحكام) 6 / 60.
(2) وقال ابن عبدالبر رحمه الله (التقليد عند جماعة العلماء غير الاتباع، لأن الاتباع: هو أن تتبع القائل على مابان لك من فضل قوله وصحة مذهبه. والتقليد: أن تقول بقوله وأنت لاتعرفه ولا وجه القول ولامعناه) (جامع بيان العلم) 2/37.
وقال ابن عبدالبر أيضا (قال أبو عبدالله بن خويز منداد البصري المالكي: التقليد معناه في الشرع: الرجوع إلي قول لاحجة لقائله عليه، وذلك ممنوع منه في الشريعة. والاتباع: ماثبت عليه حجة. وقال في موضع آخر من كتابه: كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مُقلّده، والتقليد في دين الله غير صحيح. وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه. والاتباع في الدين مسوّغ والتقليد ممنوع)(جامع بيان العلم) 2/117.
(3) وقال الخطيب البغدادي رحمه الله (التقليد هو قبول القول من غير دليل) (الفقيه والمتفقه) 2/66.
(4) وقال القاضي عبدالوهاب المالكي رحمه الله (التقليد هو اتباع القول لأن قائلا قال به من غير علم بصحته من فساده) نقله السيوطي في كتابه (الرد على من أخلد إلى الأرض) ط دار الكتب العلمية 1403هـ، صـ 125.
(5) وقال أبو حامد الغزالي رحمه الله (التقليد هو قبول قول ٍ بلا حجة، وليس ذلك طريقا إلى العلم لافي الأصول ولا في الفروع) (المستصفى) جـ 2 صـ 387.
(6) وقال الشوكاني رحمه الله (التقليد هو العمل بقول الغير من غير حجة. فيخرج العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعمل بالإجماع، ورجوع العامي إلى المفتي، ورجوع القاضي إلى شهادة العدول. فإنه قد قامت الحجة في ذلك.
أما العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالإجماع فقد تقدم الدليل على ذلك في مقصد السنة وفي مقصد الإجماع.
وأما رجوع القاضي إلى قول الشهود فالدليل عليه مافي الكتاب والسنة من الأمر بالشهادة والعمل بها، وقد وقع الإجماع على ذلك.
وأما رجوع العامي إلى قول المفتي فللإجماع على ذلك.
ثانيا: تعريف الاتباع
هو اتباع القول الذي شهد الدليل بصحته، فيكون المتبع عاملا بعلم وعلى بصيرة بصحة مايعمل به ويكون متبعاً للدليل الشرعي.
قال تعالى (اتبعوا ماأنزل إليكم من ربكم ولاتتبعوا من دونه أولياء) الأعراف 3.
وقال تعالى (اتبع ماأوحي إليـــك من ربـــك) الأنعام 106، وقال تعالى (قل إنما اتبع مايوحى إلي من ربي) الأعراف 203.
فالعمل بالوحي من الكتاب والسنة هو الاتباع كما دلت عليه هذه الآيات.
قال ابن عبدالبر (الاتباع: هو أن تتبع القائل على مابان لك من فضل قوله وصحة مذهبه. والتقليد: أن تقول بقوله وأنت لاتعرف لاوجه القول ولا معناه) (الجامع) 2/37.
وقال ابن عبدالبر (قال أبو عبدالله بن خويز منداد البصري المالكي: التقليـــــد معناه في الشرع: الرجوع إلى قول لاحجة لقائله عليه، وذلك ممنوع منه في الشريعة، والاتباع: ماثبت عليه حجة. وقال في موضع آخر من كتابه: كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مُقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح. وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه. والاتباع في الدين مسوّغ والتقليد ممنوع) (جامع بيان العلم) 2/117.
فالاتباع إذن هو العمل بالدليل الشرعي، ويكون المفتي مخبراً بالدليل.
هذا، وقد اعترض البعض على هذا الحد، وقالوا إن التقليد المذموم سُمِّي اتباعا أيضا في كتاب الله، كما في قوله تعالى (ولاتتبعوا من دونه أولياء) الأعراف 3، وقوله تعالى (إذ تبرأ الذين اتُبعوا من الذين اتَبعوا ورأوا العذاب) البقرة 166. ولامشاحة في الاصطلاح طالما عُلم المعنى وعُرِف الفرق بين الاتباع والتقليد. قال ابن حزم (وقد استحى قوم من أهل التقليد من فعلهم فيه، وهم يقرّون ببطلان المعنى الذي يقع عليه هذا الإسم، فقالوا: لانقلّد بل نتبع. قال ابن حزم: ولم يتخلصوا بهذا التمويه من قبيح فعلهم، لأن المحرَّم إنما هو المعنى فليسموه بأي اسم شاءوا) (الإحكام)6 / 60.
وقال ابن القيم بعد مناقشة من سوى بين التقليد والاتباع قال:
"إنما يكون على طريقتهم من اتبع الحجة وانقاد للدليل ولم يتخذ رجلا بعينه سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعله مختارا على الكتاب والسنه يعرضهما على قوله ". ثم قال " وبهذا يظهر بطلان فهم من جعل التقليد اتباعا "... ثم ساق كلاما طيبا في هذه المسأله بكتابه اعلام الموقعين.
وبالاجماع أن المقلد جاهل لانه لولا جهله لما قلد ولنظر في الأدلة.
*ولا يفوتنا أن نذكِّر بأن الاستفتاء غير التقليد. وأنه لاخلاف بين العلماء في وجوب الاستفتاء على الجاهل حيث يجب، أما التقليد ففيه خلاف، وأن المستفتي قد يكون مُقلداً وقد يكون متبعاً، ولكن لما غلب التقليد على المستفتين فقد غلب اسم المقلِّد على المستفتي.
وقد اختلف العلماء في المسألة، فمنهم من قال بوجوب التقليد، ومنهم من قال بوجوب الاتباع، وآخرون قالوا بوجوب الاتباع مع جواز التقليد للضرورة.
أولا: القائلون بوجوب التقليد:
أي أنه يجب على العامي (الجاهل) قبول قول المفتي بغير حجة، وهؤلاء منهم من قال لايسأل عن الحجة، ومنهم من قال إن قول المفتي في حقه كالحجة والدليل الشرعي.
أ ــ قال الخطيب البغدادي رحمه الله: (ليس ينبغي للعامي أن يطالب المفتي بالحجة فيما أجابه به، ولا يقول لم ولا كيف؟. قال الله سبحانه وتعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون) وفرق تبارك وتعالى بين العامة وبين أهل العلم فقال (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون). فإن أحب أن تسكن نفسه بسماع الحجة في ذلك سأل عنها في زمان آخر ومجلس ثان أو بعد قبول الفتوى من المفتي مجردة.) (الفقيه والمتفقه) 2/180.
وقد تابعه على هذا ــ في أن لاينبغي للعامي مطالبة المفتي بالدليل ــ كلاً من النووي (المجموع، 1/57) وابن حمدان (صفة الفتوى، صـ 84).
ب ــ وقال الآمدي رحمه الله (العامي ومن ليس له أهلية الاجتهاد، وإن كان مُحصلا لبعض العلوم المعتبرة في الاجتهاد، يلزمه اتباع قول المجتهدين والأخذ بفتواه، عند المحققين من الأصوليين) (الإحكام) 4/234.
د ــ وقال الشاطبي رحمه الله (فتاوى المجتهدين بالنسبة إلى العوام كالأدلة الشرعية بالنسبة إلى المجتهدين والدليل عليه أن وجود الأدلة بالنسبة إلى المقلدين وعدمها سواء، إذ كانوا لايستفيدون منها شيئاً، فليس النظر في الأدلة والاستنباط من شأنهم، ولايجوز ذلك لهم البتة، وقد قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون) والمقلد غير عالم، فلا يصح له إلا سؤال أهل الذكر، وإليهم مرجعه في أحكام الدين على الإطلاق. فهم إذاً القائمون له مقام الشارع، وأقوالهم قائمة مقام الشارع... فثبت أن قول المجتهد دليل العامي. والله أعلم.) (الموافقات) 4/292 ــ 293.


أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم قد ذموا التقليد ونهوا عنه، ثم توسع ابن حزم في نقض التقليد، وكذلك ابن عبدالب،ر إلا أنه لايوجد أحد استوفى حجج المقلدين ورد عليها كما فعل ابن القيم رحمه الله (751هـ). وذلك في (اعلام الموقعين) جـ 2 صـ 182 ــ 260، وبدأ كلامه بقوله (فصل في عقد مجلس مناظرة بين مقلدٍ وبين صاحب حجة ــ وذكر ثمانين وجهاً في الرد على المقلدين ونقض التقليد، إلى أن قال ــ وقد أطلنا الكلام في القياس والتقليد وذكرنا من مآخذهما وحجج أصحابهما ومالهم وماعليهم من المنقول والمعقول مالا يجده الناظر في كتاب من كتب القوم من أولها إلى آخرها، ولايظفر به في غير هذا الكتاب أبداً) أهـ. وهو كما قال. ويلي ابن القيم في الجودة والاتقان ماذكره ابن حزم في إبطال التقليد (الباب السادس والثلاثون من كتابه الإحكام) جـ 5 صـ 59 ــ 182.
وفي الجملة فما مِن نص استدل به أنصار التقليد إلا وقد رد عليه مَن منع مِن التقليد.

ثانيا: القائلون بوجوب الاتباع:
وهم الذين أوجـــبوا على المستفـــتي معرفة دليل الفتـــــوى، وحَرَّموا التقليد ولم يرخصوا فيه بحال، فمنهم:
1 ــ ابن خويز منداد المالكي رحمه الله ــ كما نقل عنه ابن عبدالبر قوله ــ (والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع) (جامع بيان العلم) 2/117. وقد سبق بطوله.
2 ــ ابن حزم رحمه الله، قال (ونحن لم ننكر فتيا العلماء للمستفتين، وإنما أنكرنا أن يؤخذ بها دون برهان يعضدها ودون ردّ لها إلى نص القرآن والسنة، لأن ذلك يوجب الأخذ بالخطأ، وإذا كان في عصره عليه السلام من يفتي بالباطل فهُم من بعد موته عليه السلام أكثر وأفشى، فوجب بذلك ضرورة أن نتحفظ من فتيا كل مفت ٍ، مالم تستند فتياه إلى القرآن والسنة والإجماع) (الإحكام) 6 /100 ــ 101.
*وقال ابن حزم (فإن قال قائل: فكيف يصنع العامي إذا نزلت به النازلة؟ فالجواب وبالله تعالى التوفيق: أنا قد بينا تحريم الله تعالى للتقليد جملة، ولم يخص الله تعالى بذلك عامياً من عالم، ولا عالماً من عامي، وخطاب الله تعالى متوجه إلى كل أحد، فالتقليد حرام على العبد المجلوب من بلده، والعامي، والراعي في شعف الجبال، كما هو حرام على العالم المتبحر ولافرق. والاجتهاد في طلب حكم الله تعالى ورسوله عليه السلام في كل ماخص المرء من دينه لازم لكل من ذكرنا، كلزومه للعالم المتبحر ولافرق. فمن قلّد مِن كل مَن ذكرنا فقد عصى الله عزوجل وأثم، ولكن يختلفون في كيفية الاجتهاد، فلا يلزم المرء منه إلا مقدار مايستطيع عليه، لقوله تعالى: (لايكلف الله نفسا إلا وسعها)، ولقوله تعالى (فاتقوا الله مااستطعتم) ــ إلى أن قال ابن حزم ــ فاجتهاد العامي إذا سأل العالم عن أمور دينه فأفتاه ــ: أن يقول له: هكذا أمر الله ورسوله: فإن قال له: نعم، أخذ بقوله، ولم يلزمه أكثر من هذا البحث، وإن قال له: لا، أو قال له: هذا قولي، أو قال له: هذا قول مالك أو ابن القاسم أو أبي حنيفة أو أبي يوسف أو الشافعي أو أحمد أو داود أو سمى له أحداً من صاحب أو تابع فمن دونهما غير النبي صلى الله عليه وسلم، أو انتهره أو سكت عنه، فحرام على السائل أن يأخذ بفتياه، وفرض عليه أن يسأل غيره من العلماء، وأن يطلبه حيث كان، إذ إنما يسأل المسلم من سأل من العلماء عن نازلة تنزل به ليخبره بحكم الله تعالى وحكم محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك، ومايجب في دين الإسلام في تلك المسألة.) (الإحكام) 6 / 151 ــ 152.
3ــ وقال الشوكاني رحمه الله (وقد ذكرت نصوص الأئمة الأربعة المصرحة بالنهي عن التقليد في الرسالة التي سميتها «القول المفيد في حكم التقليد» فلا نطول المقام بذكر ذلك. وبهذا تعلم أن المنع من التقليد إن لم يكن إجماعا فهو مذهب الجمهور) (ارشاد الفحول) صـ 248 ــ 249.
وقال الشوكاني أيضا (إذا تقرر لك أن العامي يسأل العالم، والمقصر يسأل الكامل، فعليه أن يسأل أهل العلم المعروفين بالدين وكمال الورع عن العالم بالكتاب والسنة العارف بما فيهما المطلع على مايحتاج إليه في فهمهما من العلوم الآلية حتى يدلّوه عليه ويرشدوه إليه، فيسأله عن حادثته طالبا منه أن يذكر له فيها مافي كتاب الله سبحانه أو مافي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحينئذ يأخذ الحق من معدنه، ويستفيد الحكم من موضعه، ويستريح من الرأي الذي لايأمن المتمسك به أن يقع في الخطأ المخالف للشرع) (ارشاد الفحول) صـ 252.
فهذه أقوال من أوجبوا الاتباع وحرّموا التقليد البته، وملخصها أن المستفتي يجب عليه أن يسأل المفتي عن حكم الشرع في مسألته وأن يسأله عن دليل قوله أو يكتفي بقول المفتي إن هذا حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في مسألته وإن لم يذكر له عين الدليل. فإن لم يفعل المستفتي هذا فهو آثم.

ثالثا: القائلون بوجوب الاتباع مع جواز التقليد للضرورة
وهؤلاء منهم: ابن عبدالبر وابن تيمية وابن القيم والشنقيطي، وإليك أقوالهم:
1 ــ قال ابن عبدالبر رحمه الله (في باب فساد التقليد ونفيه، والفرق بين التقليد والاتباع (بعد ذكره لبعض الآثار في ذم التقليد والنهي عنه، إلى أن قال:" وهذا كله لغير العامة فإن العامة لابد لها من تقليد علمائها عند النازلة تنزل بها لأنها لاتتبين موقع الحجة ولاتصل بعدم الفهم إلى علم ذلك لأن العلم درجات لاسبيل منها إلى أعلاها إلا بنيل أسفلها وهذا هو الحائل بين العامة وبين طلب الحجة والله أعلم. ولم تختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها وأنهم المرادون بقول الله عزوجل (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون" (جامع بيان العلم) جـ 2 صـ 109 ـ 115.

وبهذا ترى أن ابن عبدالبر بعدما بيّن فساد التقليد وخطره عاد فنقض ماأسسه إذ أجاز التقليد للعامة وهم أكثر الأمة، وكأنه يحظر التقليد على المفتين فقط. ولم يوافقه من يأت ذكرهم على توسّعه في إجازة التقليد للعامة وإنما قصروه على حال الضرورة كما سيأتي في كلام ابن تيمية وابن القيم والشنقيطي،
2 ــ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال:
"وكذلك المسائل الفروعية: من غالية المتكلمين والمتفقهة من يوجب النظر والاجتهاد فيها على كل أحد، حتى على العامة ! وهذا ضعيف، لأنه لو كان طلب علمها واجباً على الأعيان فإنما يجب مع القدرة، والقدرة على معرفتها من الأدلة المفصلة تتعذر أو تتعسر على أكثر العامة.
وبازائهم من أتباع المذاهب من يوجب التقليد فيها على جميع من بعد الأئمة: علمائهم. وعوامهم.
ومن هؤلاء من يوجب التقليد بعد عصر أبي حنيفة ومالك مطلقاً ثم هل يجب على كل واحد اتباع شخص معين من الأئمة يقلده في عزائمه ورخصه؟ على وجهين. وهذان الوجهان ذكرهما أصحاب أحمد والشافعي، لكن هل يجب على العامي ذلك؟
والذي عليه جماهير الأمة أن الاجتهاد جائز في الجملة، والتقليد جائر في الجملة، لايوجبون الاجتهاد على كل أحد ويحرمون التقليد، ولايوجبون التقليد على كل أحد ويحرمون الاجتهاد، وأن الاجتهاد جائز للقادر على الاجتهاد، والتقليد جائز للعاجز عن الاجتهاد.." (مجموع الفتاوى) 20 /203 ــ 204.
فمن الناس من قد يعجز عن معرفة الأدلة التفصيلية في جميع أموره، فيسقط عنه ما يعجز عن معرفته لا كل ما يعجز عنه من التفقه، ويلزمه مايقدر عليه. وأما القادر على الاستدلال، فقيل: يحرم عليه التقليد مطلقاً، وقيل: يجــوز مطلـقاً، وقيل: يجــوز عند الحاجة، كما إذا ضاق الوقت عن الاستدلال، وهذا القول أعدل الأقوال.) (مجموع الفتاوى) 20 / 211 ــ 212.
فهذا ابن تيمية رحمه الله قد قصر جواز التقليد على العاجز عن الاستدلال، وليس هذا حال جميع العامة، كما أن من أوجب الاتباع ــ كابن حزم والشوكاني ــ لم يوجب الاستدلال والاجتهاد على الجميع، فتأمل هذا الفرق بين الاتباع والاجتهاد، وأن أدنى مايحتاط المرء به لدينه في الاتباع هو أن يسأل المفتي أهكذا أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن قال نعم، قبل منه.
ــ رأي المؤلف (عبدالقادر بن عبدالعزيز) في مسألة الاتباع والتقليد:
رأيي في هذه المسألة أن الاتباع واجب على كل مسلم ولايجوز التقليد إلا للضرورة كما قال ابن القيم والشنقيطي وغيرهما، وهذا الرأي مبني على مقدمتين:
المقدمة الأولى: أن الاتباع وا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تلخيص لفصول: الاجتهاد والتقليد والاتباع من كتاب منار أصول الفتوى لابراهيم اللقاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تلخيص لمحاور موضوع الفتوى من كتاب "منار أصول الفتوى" للإمام ابراهيم اللقاني المالكي رحمه الله - من الفصل العشرين إلى الفصل السادس و العشرين - -تتمة-
»  إعلان عن إضافة كتاب أصول الجصاص للمراجعة
» أصول المذهب المالكي - منقول للفائدة
» فن الفتوى عند الإمام مالك_فرحان العطار (منقول)
» تعريف الفتوى والفرق بينها وبين الحكم والقضاء وأهميتها وحكمها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ماستر القواعد الفقهية والأصولية بفاس :: الوحدات الأساسية :: الاجتهاد وقضايا العصر-
انتقل الى: