منتدى ماستر القواعد الفقهية والأصولية بفاس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ماستر القواعد الفقهية والأصولية بفاس

وتطبيقاتها في الأحكام والنوازل
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المنتدى في طور البناء، لا تبخلوا عليه بمشاركاتكم
عما قريب ستزول الاعلانات المزعجة، إذا كان منتدانا نشيطا، فلنساهم في إزالتها بالمشاركة والإفادة والاستفادة

 

 قاعدة مراعاة الخلاف دراسة نظرية وتطبيقية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعيد الميش

سعيد الميش


عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 04/02/2011

قاعدة مراعاة الخلاف دراسة نظرية وتطبيقية Empty
مُساهمةموضوع: قاعدة مراعاة الخلاف دراسة نظرية وتطبيقية   قاعدة مراعاة الخلاف دراسة نظرية وتطبيقية I_icon_minitimeالجمعة فبراير 04, 2011 12:08 pm

بسم الله الرحمان الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
بادئ ذي بدء؛ أغتنم هذه الفرصة لأقدم أصالة عن نفسي ونيابة عن أخواتي الطالبات وإخواني الطلبة، جزيل الشكرالمفعم بعظيم التقديروالاحترام،لأستاذنا الجليل المقتدر _ وهو حري به وأهل له_ الذي يرجع إليه الفضل بعد الله عز وجل في إنجاز هذا العرض الذي استفدت منه كثيرا؛ وخاصة فيما يتعلق بكيفية التعامل مع المصادر والمراجع في اغتراف المادة العلمية.
أستاذي الجليل:
لاألفي كلمات توفي فضلكم إلا قبس من مشكاة نور النبوة"جزاك الله خير الجزاء" على ما يبذله من مجهودات تجاهنا؛ بغية إتحافنا بكل ما يحيط بهذه المادة؛ لتنمية قدراتنا المعرفية والمهارية، وصقل مواهبنا وتسليط الأضواء على قيمة وغناء هذا الإرث الإسلامي المعطاء.
لذا ألتمس المعذرة على ما يشوب ويتخلل ثنايا هذا العرض المتواضع من تقصير، وأرجو التسديد والتوجيه والتكرم والإثراء بالتدخلات البناءة من الحضور الكريم.فما عبد ربه إلا مثل الهدهد في حضرة سليمان عليه السلام وجلسائه .
وسأتناول بفضل الله وتوفيقه هذا الطرح الذي استعرضت الكلام حوله وفق الترسيمة التالية :
المبحث الأول:ماهية القاعدة وتأصيلهاوشروطها. وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول : حـد القاعـدة. المطلب الـثاني : تـأصيـلها. المطلب الثالث : شــروطــها.
المبحث الثاني:فروع القاعدة وتطبيقاتها ونتائجها . ويــندرج تحته:
المطلب الأول :فروع القاعدة. المـطـلب الثاني:تطبيقاتها.المـطلب الـثالـث: النتائج العلمية.
وبعد هذه الإطلالة المقتضبة على التصميم والهيكلة اسمحوا لي لأرتحل بأذهان حضرتكم للغوص في لج الموضوع وأحط الرحال عند شاطئ :
المبحث الأول: ماهية القاعدة وتأصيلها وشروطها. المطلب الأول: حد القاعدة.
مراعاة الخلاف أصل معتبرمن أصول المالكية ,ومن مفاخراتهم في ممارسة الاختلاف الفقهي ,ومعنى القاعدة لغة: المحافظة والإبقاء على الشيء، وتطلق أيضا على المناظرة والمراقبة. ولتأمل الفعل وإعماله,يقال: راعى الأمر أي نظر إلى أين يصير، ولاحظه محسنا إليه,ويقال أيضا: راعيت فلانا مراعاة إذا راقبته وتأملت فعله, والخلاف في اللغة: ضد الاتفاق.
وفي الاصطلاح: عرفها الشيخ القباب من المالكية بقوله: "وحقيقة مراعاة الخلاف هو إعطاء كل واحد من الدليلين حكمه".
وقد عرفها ابن عرفة بأنها: "إعمال دليل في لازم مدلوله الذي أعمل في نقيضه دليل آخر".
إذا فمراعاة الخلاف هو: إعمال الدليل المخالف، أو إعادة النظر فيه مع الإبقاء على حجيته,عند عدم وجود الدليل في المذهب أو ضعفه في مقابل قوة دليل المذهب الأخر. وأما مفخرة المالكية الشاطبي _ رحمه الله_ فقد قال: فإن قيل ما معنى مراعاة الخلاف المذكورة في المذهب المالكي؟ فإن الظاهر فيها أنها اعتبار للخلاف، وإعطاء كل واحد منهما -أي الدليلين- ما يقتضيه الآخرأو بعض ما يقتضيه هو معنى مراعاة الخلاف. وهو أن تكون اجتهادات الفقهاء وآراؤهم وأقوالهم في مسألة ما متغايرة ،كأن يقول بعضهم : هذه المسألة حكمها الوجوب ، ويقول البعض حكمها الندب ، ويقول البعض:حكمها الإباحة ، وهكذا(1).
1- لسان العرب،ج 14/ص:367.مادة رعى. - المعيار المعرب للونشريسي ، ج 6/ ص: 388. -شرح ابن عرفــــــة، للرصـــاع، ص: 242. -الموافقات، ج 4/ ص: 402. 403.
المطلب الثاني: تأصيل القاعدة.
استدل المالكية على قاعدة مراعاة الخلاف بنصوص عديدة من الكتاب والسنة، من ذلك قول الله تعالى :﴿ يأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا
القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضل من ربهم ورضوانا﴾.
فالله تعالى بين على أن النهي عن استحلال المشركين الآمين البيت الحرام، هو ابتغاؤهم
فضل الله ورضوانه مع كفرهم به سبحانه وتعالى الذي لا تصح معه عبادة، ولا يقبل معه
عمل، وهذا فيه نوع من الاعتبار والمراعاة لزعمهم الباطل أن ما هم فيه عبادة الله تعالى،
فيكف لا يراعى خلاف عبد مسلم،وتستبعد عبادته الواقعة على وجه دليل شرعي لا يقطع
بخطئه فيه، وإن كان يظن ذلك ظنا .
وفي السنة النبوية من حديث ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أنها
قالت: كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص، أن ابن وليدة زمعة مني
فأقبضه إليك، فلما كان عام الفتح أخذه سعد، فقال: ابن أخي قد كان عهد إلي فيه، فقام
عبد بن زمعة فقال: أخي وابن أمة أبي، ولد على فراشه، فتساوقا إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم. فقال سعد: يا رسول الله ابن أخي عهد إلي فيه، فقال عبد بن زمعة: أخي
وابن وليدة أبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هو لك يا ابن زمعة، الولد
للفراش وللعاهر الحجر»، ثم قال لسودة بنت زمعة: « احتجبي منه يا سودة» لما رأى من
شبهة بعتبة، فما رآها حتى لقي الله.
ووجه الدلالة من الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعمل دليل الفراش، فأثبت به النسب لزمعة، وراعى دليل الشبه فأمر سودة بالإحتجاب من المولود لشبهه بعتبة، و هذا فيه إعمال كل واحد من الدليلين المتعارضين فيما هو فيه أرجح، وهو معنى مراعاة الخلاف كما عرفها ابن عبد السلام شيخ ابن عرفة(1).
1- سورة المائدة، الآية: 02.- المعيارالمعرب، ج 6/ ص: 395. –أخرجه البخاري .رقم 2745، كتاب الوصايا، و أخرجه مسلم. رقم 1457، كتاب الرضاع. .
- مراعاة الخلاف في المذهب المالكي، محمد الأمين ولد محمد سالم بن الشيخ، ص:250.
وللقاعدة أدلة واضحة على حجيتها من أعمال السلف الصالح رضوان الله عليهم منها:حينما بعث أبا بكر رضي الله عنه يزيد بن أبي سفيان إلى الشام فقال:«إنك ستجد قوما زعــــــموا أنهم حسبوا أنفسهم لله، فذرهم وما زعموا أنهم حسبوا أنفسهم له».
ومراعاة الخلاف من جانب العقل,يعني يراعى فيها إعمال كل واحد من الدليلين المختلفين , وإعمال الدليلين أولى من إهمالهما أو إهمال أحدهما أو يتوسط بينهما فيعطي لكل واحد منهما بعض أثره لبناء الحكم، وأن مراعاة الخلاف هي عمل بالراجح، والعمل بالراجح واجب شرعا.
المطلب الثالث:شروط مراعاة الخلاف.
الشرط الأول : ألا تؤدي المراعاة إلى مخالفة نص ثابت قرانا أوسنة.
الشرط الثاني: ألا تؤدي المراعاة إلى مخالفة الإجماع.
الشرط الثالث: ألا يمكن الجمع بين أقوال المجتهدين.فإن أمكن تم الخروج من الخلاف.
الشرط الرابع :ألا تؤدي مراعاة الخلاف إلى منع العبادة كما سبق.
الشرط الخامس:أن يكون كلا دليلي الطرفين ليس في مستوى واحد من القوة والضعف(1).
المبحث الثاني:فروع القاعدة وتطبيقاتها ونتائجها.
المطلب الأول: علاقات وتفريعات القاعدة.
قاعدة مراعاة الخلاف من القواعد التي لها علاقة مع غيرها من القواعد القريبة منها أو المتفرعة عنها ,ومن أبرزها ما يلي:
 قاعدة الاستصلاح ,فهي في كونها مع مراعاة الخلاف من بواعث الاستصلاح، ذلك أن المجتهد عندما يلجا إلى العمل بقاعدة الاستصلاح , فإنه و لا شك تحمله عليه بواعث ودواع،

1-أخرجه مالك في الموطأ، ج 2/ ص: 447، كتاب الجهاد - مراعاة الخلاف في المذهب المالكي، ص 253.-الأشباه والنظائر لابن السبكي,ج1,ص:311.
قد يكون من بينها مراعاة الخلاف. فالقاعدة تراعي المصلحة المشروعة والتي تتوافق مع الشيء ,وتتمثل في درء المفاسد وجلب المصالح.
 ولها تعلق قوي بمبدأ الوحدة ونبذ الخلاف عن الشريعة الإسلامية بالأدلة المعتبرة، وذلك لأن مراعاة الخلاف يتم فيها التنازل عن نظر مجتهد إلى مجتهد آخراعتبارا لدليله القوي والمعتبر، تحقيقا للعدل، ورفعا للمشقة عن المكلف.
 ارتباط القاعدة بمنهج الموازنة بينما كان متفقا عليه ومختلفا فيه وبين الحكم إذا كان قبل الواقعة وبعد وقوعها ,فحالة ما بعد الوقوع ليست كحالة ما قبله، لأن بعده تنشأ أمورجديدة تستدعي نظرا جديدا, وتجد إشكالات لايتقصى عنها إلا بالبناء على الأمر الواقع بالفعل واعتباره شرعيا بالنظر لقول المخالف.
 ارتباطها بمآلات الأفعال وما ينتج عنه الفعل التكليفي عند الإعمال.
 تعلق القاعدة بمنهج رفع الحرج ومراعاة اليسر وإزالة الأضرار التي دلت كليات الشريعة ونصوصها على اعتبارها. ويمكن اعتبار قواعد عدة من فروع مراعاة الخلاف منها: المشقة تجلب التيسير، الضرر يزال، دفع المفاسد وجلب المصالح...أو أنه أثناء إعمال القاعدة يظهر الارتباط المتين بين هذه القواعد والقاعدة.
 اعتبار مراعاة الخلاف من باب الاستحسان, وممن عده كذلك الإمام الشاطبي في الموافقات من أوجه عديدة, منها: من خلال بعض تعاريفه, ومن خلال العمل به وغيرذلك (1) .

1- التقريب بين القواعد الأصولية فيما لا نص فيه، لنور الدين عباس، ص:343. -هامش الموافقات، ج 4/ ص: 403. -مراعاة الخلاف في المذهب المالكي , ص: 160 . - نفس المرجع، ص: 187.



قال الدكتور محمد الأمين ولد سالم الشيخ: "فهذه مضامين تلتقي فيها مراعاة الخلاف مع الاستحسان، تجعلنا لا نتردد في وصف العلاقة بينهما بأنها علاقة وطيدة، ذات أصول وجذور إن لم نصفها بأنها علاقة الفرع بالأصل والجزء بالكل، كما يروق للإمام الشاطبي والقباب أن يصفاها".
 علاقة القاعدة بسد الذرائع وتتجلى في كون كل منهما مبني على مبدأ النظر في مآلات الأفعال.
فهذه جل القواعد البارزة والتي يمكن أن تعتبر بأنها تتكامل مع قاعدة مراعاة الخلاف في إنزالها على المسائل الفقهية.
المطلب الثاني: تطبيقات القاعدة.
الفرع الأول:نظرة إجمالية. إن إعمال قاعدة مراعاة الخلاف لا يكون إلا فيما يكون من مسائل الخلاف الاجتهادية، والقاعدة تفصح عن منهج استدلالي تنضوي تحته من أدلة ومفاهيم وقواعد الشرعية معتمدة في المذهب المالكي.
ويظهر جليا أن مراعاة الخلاف مسلك من مسالك الأدلة الشرعية التي تظهرفيها بوضوح معالم تطبيق جميع الأدلة المقررة من القياس والاستحسان وغيرهما،وهذا مقتضى الحكمة في الخلاف رحمةبالعباد،ومواءمة لطبيعةالوقائع،وتماشيا مع الحال والمآل من أجل تحقيق مراد الشارع في وضع الشريعة،فمالك حينما طلب الخليفةالعباسي المنصورمنه تعليق الموطأبالكعبةليحمل الناس على ما فيه,فقد كان في جوابه على مايدل على الاعتداد برأي المخالف في المسائل بدعوى أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اختلفوا في الفروع، بافتراقهم في الأمصار, وكل عند نفسه مصيب(1).

--1مراعاة الخلاف في المذهب المالكي ، ص: 160.--نفس المرجع، ص: 187.



إذا فمراعاة الخلاف معيار توزن به الموازنات بتغير الزمان والمكان والحال, فقد قبل المالكية اختلاف الآخر المبني على الدليل والاجتهاد مع ترك فرصة له اعتبارا لإمكانية صواب رأيه,وهذا من مقاصد القاعدة.
فمثلا: مديم السفر كالملاح هل يقصر الصلاة أم لا؟ هناك من أجازله التقصيرمطلقا،وهناك من أوجبهاعليه كالحنفية ,وأما الحنابلة فقد حرموا عليه التقصير، والأولى الخروج من الخلاف احتياطا وإعمالا للدليل الصريح الأصلي مع الإعتداد بالمصادر التبعية من الإستحسان، وسد الذرائع، و منع الحيل، وغيرها.
والقول بتكرار العمرة في العام الواحد ,إذا نظر في أحكام الفقهاء يقع بين الكراهة والإباحة، والأولى التكرار لأنها عبادة والعبادة لا يجب أن تمنع ,وبه يكون من مقاصد مراعاة الخلاف أن لا يؤدي إلى المنع من العبادة.
ومن أبرز التطبيقات للقاعدة بعض الأنكحة الفاسدة المختلف في فسخها، مثل: "نكاح الشغار": فالمذهب المالكي يوجب الفسخ ويثبت التوارث إذا مات أحدهما، مع أن الأصل العام عند مالك هو التوارث ما دام الفسخ ثابت ,لكنه راعى الخلاف القائل بعدم فسخه، فأخذ بدليل المخالف في لازم مدلوله, وهو ثبوت الإرث والأخذ بدليله الذي يترتب عليه الفسخ، وبذلك يكون قد جمع بين إعمال دليلين في الحكم, وإعمال دليل مخالفه في لازم مدلوله.
ومرد كل هذا إلى أنه قبل الوقوع أمر، وبعد الوقوع واعتبارا للمآل يكون هناك أمر أخر، فقبل الوقوع لما يترتب عليه من آثار سلبية، أما عندما تقع الواقعة مخالفة للأصل الشرعي لم يعد التمسك بالمنع يجدي, فذهب المالكية إلى تفادي الخلل الواقع , وهو الحرمان من الإرث والفسخ , فتثبت حقوق الزوجين والأطفال كما لو أن الزواج كان صحيحا (1) .

1--من فتاوى الإمام الشاطبي، ص: 119، بتصرف.--الموافقات، ج 4/ ص:146، بتصرف.

ا لفرع الثاني: حالات الخلاف وكيفية مراعاة.
أولا:الخلاف بين الإيجاب والندب, مثل :الإشهاد في الرجعة ,فهو عند الجمهور واجب ,ومندوب عند الملكية في قول ,والأولى إعماله.
ثانيا:الخلاف بين الإيجاب والكراهية, مثل :البسملة في فاتحة الفرض عند الشافعية واجبة ,وعند المالكية مكروهة ,ويؤتى بها سرا مراعاة للخلاف.
ثالثا:الخلاف بين الإيجاب والتحريم, مثل: القصر لدائم السفر.حرام عند الحنابلة ,والمالكية سنوه ,والأولى عدمه مراعاة للخلاف وأخذا بالأصل في الصلاة هو إتمامها.
رابعا:الخلاف بين الندب والكراهية,مثل: تكرارالعمرة في العام ,للمالكية الكراهية,والشافعية الاستحباب ,فيؤخذ بقولهم لأن فيه عدم منع العبادة.
خامسا:الخلاف بين الكراهية والتحريم, مثل: زواج الرجل ببنته من الزنا,يكره عند الشافعية, ويحرم عند المالكية درء للشبهات.
سادسا:الخلاف بين التحريم والإباحة, مثل: الربافي غير الأصنا ف الستة يحرم عند الجمهور بوجود علة التحريم تبرئة للذمة على عكس الظاهرية(1).
المطلب الثالث:استنتاجات علمية.
إن إعمال قاعدة مراعاة الخلاف لا يمكن إلا فيما كان من مسائل الخلاف.وأن العمل بها بقدر ما يفيد الاعتداد بالرأي المخالف لمسوغ ما، بقدر ما تفيد التقليل من غلواء وحدة الخلاف إذا اشتدت قوته، إذ ليس القصد مراعاة صور الخلاف.

1-حاشية الدسوقي, م2. ص:592 .-حاشية ابن عابدين, م1 .ص:135.

 تقريرات قاعدة مراعاة الخلاف فيها معنى وفكرة التقريب تأصيلا وتفريعا.
 بعدها التوفيقي للتقريب بين المذهب المالكي وغيره من المذاهب يكشف اتحاد المقصد بين المذاهب وان اختلفت في الفروع.
 قاعدة مراعاة الخلاف من أبعادها المقاصدية الكبرى أنه يتم توجيهها لحماية مصلحة المكلفين, وبحثا عن المصلحة مقصود الشارع التي جاءت الشريعة بحفظها، ورفعا للحرج عن المكلفين، وتكريس مبدأ الغيرية في إعمال دليل الآخر وتصويب اجتهاده الفقهي.
 ويمكن الذهاب بعيدا في القول : إن قاعدة مراعاة الخلاف عند المالكية منهج من مناهج الاجتهاد المعتمد في البحث عن صحيح النقل وصريح العقل والجمع بينهما،فيتمكن الناظر من النظر فيما وجد من الأثر والنصوص وتأويلها أحسن تأويل، وترجيح الأقرب إلى الحق وتضييق هوة الخلاف في الاجتهاد الفقهي .قال الأستاذ العسري: “وننبه إلى أن في عمل مالك بأصل مراعاة الخلاف عدة فوائد علمية وعملية، منها أنه يحاول بواسطتها الجمع بين الآراء المختلفة، مستفيدا من آراء مخالفيه التي تعتبر ضعيفة عنده، وفي ذلك ما لا يخفى من دعم تقريب الشقة بين المختلفين في المسائـل”.
 كما تكمن غاية القاعدة في الفائدة العلمية من التقريب بين القواعد الأصولية المعتمدة, والقدرة على الصناعة الفقهية, والبراعة في فهم القواعد الأصولية مع إحكام الربط في التقريب بين تلك الخلافات الفرعية وبين تلك القواعد والأصول العامة"(1)

1--الفكر المقاصدي عند الإمام مالك، د محمد نصيف العسري، ص: 504.
-- التقريب بين القواعد الأصولية فيما لا نص فيه، ص: 53.


 وجملة الكلام في مقصد مراعاة الخلاف, أن فيه محاولة تصويب الجميع وترجيح الجميع واعتبار كل دليل على حدة، وعدم إقصاء أي دليل مراعاة له بالصواب، والبحث عن المصلحة التي قصدها الشارع، والابتعاد عن المفسدة التي نهى عنها الشرع الحكيم، رفعا للضرر وإبعادا للحرج وتيسيرا على المكلف ورحمة به.
 ويتبين من هذا الدليل براعة المالكية في قبول الاختلاف المبني على الدليل والاجتهاد، وعلى تميزهم بترك مساحة في مذهبهم لرأي المخالف معتبرين إمكانية صواب رأيه.
ومراعاةالخلاف قسمان :
القسم الأول: مراعاة جزئية. وهي اعتبار المذهب المخالف من وجه، وأخذ بمذهب نفسه من وجه آخر، وهذه هي مراعاة الخلاف المقصودة عند المالكية ولايعرفهاالجمهور.
القسم الثاني: مراعاة كلية. وهي إهمال لمذهبه بالكلية، وعدول إلى مقتضى مذهب الآخر، وخروج إليه، وهذه هي قاعدة الخروج من الخلاف التي يذكرها عامةالفقهاءمن مختلف المذاهب (1).
فتبين من هذا التسويد المقصود الذي فيه اجتناب الاقتضاب المخل والإسهاب الممل.
ومسك الختام وماتوفيقي إلابالله مجددا الشكر والامتنان لأستاذي الفاضل.




1--الموطأ، كتاب الأقضية باب القضاء في المياه تحت رقم:1461. انظر المعيار المعرب، للونشريسي، ج 6/ ص: 388.
-- شرح ابن عرفة، للرصاع، ص: 242.
قائمة المصادر والمراجع.
1* ـ القرآن الكريم ، دار المعرفة ,الطبعة التاسعة, 1429هـ.
2* ـ صحيح الإمام البخاري،تحقيق الشيخ عبد العزيز بن باز، دار الفكر، بيروت، ط / 1.
3* صحيح الإمام مسلم، دار القلم، بيروت ,ط/1981م.
4* الموطأ للإمام مالك، دار احياء التراث العربي.
5* المعيار المعرب، للونشريسي. ط 2/2003م، تونس.
6* شرح ابن عرفة، للرصاع، ط 2/2003م،دارالأمان،الرباط.
7* حاشية ابن عابدين ,دار الحديث القاهرة ,الطبعة الرابعة 1997.
8* حاشية الدسوقي,دار الكتب العلمية.ط/3.
9* مراعاة الخلاف في المذهب المالكي، محمد الأمين ولد محمد سالم بن الشيخ،ط/1.
10*التقعيد الفقهي,تأليف الدكتور الأستاذ عبد الله الهلالي.ط/3. 2009.
11* الموافقات للشاطبي, تحقيق عبد الله دراز، دار الحديث القاهرة، طـ/2006م.
12* التقريب بين القواعد الأصولية فيما لا نص فيه،نورالدين عباس،دارابن حزم،ط1/بيروت.
13* الأشباه والنظائر لابن السبكي,دار الكتب العلمية,ط/1 .1991.
14*ـ نظرية المقاصد عند الشاطبي،الدكتورأحمد الريسوني،ط 2/2003م،دارالأمان،الرباط.
15*الفكرالمقاصدي عند الإمام مالك لمحمد نصيف العسري،دار الحديث القاهرة 2008م.
16* من فتاوى الإمام الشاطبي، تحقيق أبي الأجفان، ط 2/1985م، تونس.
17* لسان العرب لابن منظور, دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط 2000.





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قاعدة مراعاة الخلاف دراسة نظرية وتطبيقية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الخلاف حول قاعدة الخراج بالضمان
» قاعدة الخروج من الخلاف مستحب
» دراسة قاعدة أصولية
» دراسة قاعدة أصولية
» دراسة القاعدة الفقهية :دراسة القاعدة الفقهية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ماستر القواعد الفقهية والأصولية بفاس :: الوحدات الأساسية :: القواعد الفقهية-
انتقل الى: